(قَالَ) أنس -رضي اللَّه عنه- (فَدَعَا لِي بِكُلِّ خَيْرٍ، وَكَانَ فِي آخِرِ مَا دَعَا لِي بِهِ) هذا يدلّ على أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا لأنس -رضي اللَّه عنه- بدعوات كثيرة، غير هذا (أَنْ قَالَ)"أَنْ" بفتح الهمزة مصدريّة، والمصدر المؤوّل اسم "كان" مؤخّرًا، أي كان قوله: ("اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ) وقوله: (فِيهِ") وكذا هو في رواية البخاريّ المتقدّمة بالإفراد؛ نظرًا إلى اللفظ، ولأحمد:"فيهم"؛ نظرًا إلى المعنى، وللبخاريّ في "الدعوات"، من طريق قتادة، عن أنس:"وبارك له فيما أعطيته".
ولم يقع في هذه الرواية التصريح بما دعا له من خير الآخرة؛ لأن المال والولد من خير الدنيا، وكأن بعض الرواة اختصره.
وسيأتي لمسلم في "الفضائل" من طريق الجعد، أبي عثمان، قال: حدّثنا أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-، قال: مَرّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسمعت أمي، أم سليم صوته، فقالت: بأبي وأمي يا رسول اللَّه، أنيسٌ، فدعا لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاث دعوات، قد رأيت منها اثنتين في الدنيا، وأنا أرجو الثالثة في الآخرة.
ولم يبيّن هذه الثالثة، وهي المغفرة كما بيّنها سنان بن ربيعة بزيادة، وذلك فيما رواه ابن سعد، بإسناد صحيح عنه، عن أنس -رضي اللَّه عنه- قال:"اللهم أكثر ماله، وولده، وأطل عمره، واغفر ذنبه"(١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤٩/ ١٥٠٢ و ١٥٠٣ و ١٥٠٤](٦٦٠) وفي "فضائل الصحابة"(٢٤٨١)، و (البخاريّ) في "الصوم"(١٩٨٢) و"الدعوات"(٦٣٣٤ و ٦٣٤٤ و ٦٣٧٨ و ٦٣٨٥) وفي "الأدب المفرد"(٨٨)، و (أبو داود) في "الصلاة"، و (ابن ماجه) فيها (٩٧٥)، و (النسائيّ) في "الإمامة"(٨٠٢ و ٨٠٣ و ٨٠٤)، وفي "الكبرى"(٨٧٧ و ٨٧٨ و ٨٧٩)، و (الطيالسيّ) في "مسنده"(٢٠٢٧)، و (أحمد)