ويَحْتَمِل أن يكون مفعولًا لفعل مقدّر، أي أعني أهل البيت، أي أهل بيت أنس -رضي اللَّه عنه-.
(بِكُلِّ خَيْرٍ) متعلّق بـ "دعا"(مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) هذا الدعاء لعموم أهل بيت أنس، غير الدعاء الخاصّ به الذي ذكره بقوله:(فَقَالَتْ أُمِّي) أمّ سُليم -رضي اللَّه عنها- (يَا رَسُولَ اللَّهِ، خُوَيْدِمُكَ) تصغير خادم، صغّرته على معنى التلطُّف، لا التحقير، يقال: خَدَمه يَخْدُمه، ويَخْدِمه، من بأبي نصر، وضرب، خَدْمةً، فهو خادم غلامًا كان، أو جاريةً، والخادمة بالهاء في المونّث قليلٌ، والجمع خَدَم، بفتحتين، وخُدّام (١).
فـ "خُويدمك" مبتدأ، خبره قوله:"ادع اللَّه له".
وفي رواية البخاريّ المتقدّمة: فدعا لأم سُليم وأهل بيتها، فقالت أم سُليم: يا رسول اللَّه إن لي خُوَيِصّةً، قال:"ما هي؟ " قالت: خادمك أنسٌ. . .، وفي رواية أحمد:"إن لي خُوَيصّة، خُويدمك أنسٌ، ادع اللَّه له".
(ادْعُ اللَّهَ لَهُ) أي مكافأة لإحسانه إليك بالخدمة زمنًا طويلًا، فقد أخرج البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه"، عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-: "أنه كان ابن عشر سنين مَقْدَم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينةَ، فكان أمهاتي يواظبنني على خدمة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فخدمته عشر سنين، وتوفي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنا ابن عشرين سنة. . ." الحديث.
وأخرج الإمام أحمد في "مسنده" عن ثابت، قال أنس: ما شَمِمْت شيئًا عنبرًا قطّ، ولا مسكًا قطّ، ولا شيئًا قطّ أطيب من ريح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا مَسَسْتُ شيئًا قطّ ديباجًا، ولا حريرًا، ألين مَسًّا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال ثابت: فقلت: يا أبا حمزة، ألست كأنك تنظر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكأنك تسمع إلى نَغَمَته؟ فقال: بلى واللَّه، إني لأرجو أن ألقاه يوم القيامة، فأقول: يا رسول اللَّه خُويدمك، قال: خدمته عشر سنين بالمدينة، وأنا غلام، ليس كل أمري كما يَشْتَهِي صاحبي أن يكون، ما قال لي فيها: أُفّ، ولا قال لي: لم فعلت هذا؟ وألا فعلت هذا؟.