للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأخذت تَجُرُّ الفَتِيلة، فجاءت بها، فألقتها بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الخمرة التي كان قاعدًا عليها، فأحرقت منها مثل موضع درهم"، وهذا صريح في إطلاق الخمرة على الكبير من نوعها. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الظاهر أن المراد هنا الكبيرة؛ إذ لو كانت صغيرة لقالت: "كان يسجد على خمرة".

وفي "المنهل": أن الخمرة يجعلها المصلي تحت جبهته؛ لتَقِيه من الحر، والبرد، وتُطْلَق أيضًا على الكبير من نوعها، وهو المراد في الحديث. انتهى (٢).

وفيه دلالة على جواز الصلاة على الخمرة، قال ابن بطال: لا خلاف بين فقهاء الأمصار في جواز الصلاة على الخمرة، إلا ما رُوي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يؤتى بالتراب، فيوضع على الخمرة، فيسجد عليه، ولعله كان يفعله على جهة المبالغة في التواضع، والخشوع، فلا يكون فيه مخالفة للجماعة. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: مثل هذا الفعل لا ينبغي الاقتداء به، وإن كان عمر بن عبد العزيز عَمِلَ به مبالغة في التواضع، فالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أشدّ تواضعًا منه، وهو القدوة الحسنة، قال اللَّه تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] فلا ينبغي العدول عما ثبت عنه؛ لأن اللَّه تعالى ضَمِنَ الهداية في اتباعه فقط، قال اللَّه تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨] وقال: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: ٥٤]، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٥٠٦] (٦٦١) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ (ح) وَحَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، جَمِيعًا عَنِ الْأَعْمَشِ (ح) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَاللَّفْظُ لَهُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ


(١) "النهاية" ٢/ ٧٧ - ٧٨.
(٢) "المنهل العذب المورود" ٥/ ٤٦.