للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث، متّفقٌ عليه، وكقوله: من صلى كذا، من فعل كذا فله كذا، كلّه يتساوى فيه الرجال والنساء من غير نزاع، نبّه على ذلك ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فتكون "أل" في الرجل ليست لتعريف ماهيّة الرجوليّة، بل للعموم من حيث المعنى، كما عمّ "قوم" الرجال والنساء في قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: ١٠٥]، وإن كان لفظ "قوم" خاصًّا بالرجال دون النساء، كما قاله الماورديّ.

نعم قال الرويانيّ من الشافعيّة: هل تكون جماعة النساء في الفضل، والاستحباب كجماعة الرجال؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، فتفضل على صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة.

وأظهرهما أن جماعة الرجال أفضل من جماعتهنّ؛ لقوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨]. انتهى (١).

(فِي جَمَاعَةٍ) أي معهم (تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد صلاته في بيته وسوقه منفردًا هذا هو الصواب، وقيل فيه غير هذا، وهو قول باطلٌ، نبّهت عليه؛ لئلا يُغترّ به. انتهى (٢).

قال ابن الملقّن: ومن ذلك قول ابن التين في "شرح البخاريّ": لو صلّى في سوقه جماعةً كان الفذّ؛ أخذًا بظاهر الحديث، أو لأن السوق مأوى الشياطين، وهذا وَاهٍ جدًّا، نعم رفع الدرجات، وحطّ الخطيئات مشروطٌ بالمشي إلى المسجد، فمن فعل ذلك حصلا له، وإلا فلا. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في تخصيص ذكر السوق والبيت إشعارٌ بأن مضاعفة الثواب على غيرهما من الأماكن التي لم تلزمه لزومهما لا يكون أكثر مضاعفةً منهما. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": مقتضاه أن الصلاة في المسجد جماعةً تزيد على


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٢/ ٣٦٢ - ٣٦٣.
(٢) "شرح النوويّ" ٥/ ١٦٥.
(٣) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٢/ ٣٦٤.
(٤) "الكاشف" ٣/ ٩٣٤.