للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصلاة في البيت وفي السوق جماعةً وفُرَادى، قاله ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-، قال: والذي يظهر أن المراد بمقابل الجماعة في المسجد الصلاة في غيره منفردًا، لكنه خرج مخرج الغالب في أن من لم يحضر الجماعة في المسجد صلى منفردًا.

قال: وبهذا يرتفع الاشكال عمن استَشْكَل تسوية الصلاة في البيت والسوق. انتهى.

قال الحافظ: ولا يَلْزَم من حمل الحديث على ظاهره التسويةُ المذكورة إذ لا يلزم من استوائهما في المفضولية عن المسجد أن لا يكون أحدهما أفضل من الآخر، وكذا لا يلزم منه أن كون الصلاة جماعة في البيت أو السوق لا فضل فيها على الصلاة منفردًا، بل الظاهر أن التضعيف المذكور مختصّ بالجماعة في المسجد، والصلاة في البيت مطلقًا أولى منها في السوق؛ لما ورد من كون الأسواق موضع الشياطين، والصلاة جماعةً في البيت، وفي السوق أولى من الانفراد. وقد جاء عن بعض الصحابة قصر التضعيف إلى خمس وعشرين على التجميع، وفي المسجد العامّ مع تقرير الفضل في غيره.

ورَوَى سعيد بن منصور بإسناد حسن عن أوس الْمَعَافريّ أنه قال لعبد اللَّه بن عمرو بن العاص: أرأيت من توضأ، فأحسن الوضوء، ثم صلى في بيته؟ قال: حَسَنٌ جَمِيلٌ، قال: فإن صلى في مسجد عشيرته؟ قال: خمس عشرة صلاةً، قال: فإن مشى إلى مسجد جماعة، فصلى فيه؟ قال: خمس وعشرون. انتهى.

وأخرج حميد بن زنجويه في "كتاب الترغيب" نحوه، من حديث واثلة، وخَصّ الخمس والعشرين بمسجد القبائل، قال: وصلاته في المسجد الذي يُجَمَّع فيه -أي الجمعة- بخمسمائة، وسنده ضعيف، ذكره في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي نُقل عن عبد اللَّه بن عمرو، وواثلة -رضي اللَّه عنهما- إن صحّ مرفوعًا فذاك، وإلا فما دلّ عليه ظاهر ما في "الصحيحين" من كون التضعيف يعم أنواع صلاة الجماعة هو الأقرب، واللَّه تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ٢/ ١٥٩.