للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) البضع بكسر الباء، وفتحها، وهو من الثلاثة إلى العشرة، هذا هو الصحيح، والمراد هنا خمس وعشرون درجةً، كما جاء مفسّرًا في الروايات الأخرى، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفًى في "باب فضل صلاة الجماعة" [٤٣/ ١٤٧٤] فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق. (وَذَلِكَ) إشارة إلى ما دلّ عليه قوله: "يزيد"، يعني أن سبب الزيادة المذكورة أنه إذا توضّأ. . . إلخ.

وقال الطيبيّ: قوله: "وذلك" الجملة كالتعليل للحكم، كأنه لَمّا أضاف الصلاة إلى الرجل، والتعريف فيه للجنس أفاد أن صلاة الرجل الكامل الذي لا يُلهيه أمر دنيويّ عن ذكر اللَّه في بيت اللَّه يضعّف أضعافًا؛ لأن مثل هذا الرجل لا يقصّر في شرائطها، وأركانها، وآدابها، فإذا توضّأ أحسن الوضوء، وإذا خرج إلى الصلاة لا يشوبه شيء مما يُكدّرها، فإذا صلّى لم يتعجّل للخروج، ومَنْ شأنه هذا فجديرٌ بأن يضعّف ثواب صلاته. انتهى (١).

(أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ) شَمِل الوضوء المجدّد وغيره، وقد يقال: إن قوله: "توضّأ" ليس للتقييد بالفعل، وإنما خرج مخرج الغالب، أو ضرب المثال، قاله ابن الملقّن (٢).

وقال في "الفتح": هذا ظاهر في أن الأمور المذكورة علّة للتضعيف المذكور؛ إذ التقدير: وذلك لأنه، فكأنه يقول: التضعيف المذكور سببه كيت وكيت، وإذا كان كذلك، فما رُتِّب على موضوعات متعددة لا يوجد بوجود بعضها، إلا إذا دلّ الدليل على إلغاء ما ليس معتبرًا، أو ليس مقصودًا لذاته، وهذه الزيادة التي في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- معقولة المعنى، فالأخذ بها متوجِّه، والروايات المطلقة لا تنافيها، بل يُحْمَل مطلقها على هذه المقيدة، والذين قالوا بوجوب الجماعة على الكفاية، ذهب كثير منهم إلى أن الحرج لا يسقط بإقامة الجماعة في البيوت، وكذا رُوي عن أحمد في فرض العين، ووجَّهوه بأن أصل المشروعية إنما كان في جماعة المساجد، وهو وصف معتبر، لا ينبغي إلغاؤه، فيختص به المسجد، ويُلْحَق به ما في معناه مما يَحْصُل به إظهار الشعار. انتهى (٣).


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٩٣٤.
(٢) "الإعلام" ٢/ ٣٦٤.
(٣) "الفتح" ٢/ ١٥٩.