للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ) أي بإكمال الفرض ومراعاة الآداب كمًّا وكيفًا (ثُمَّ أَتَى الْمَسْجدَ) هذا لا يستلزم الفوريّة، نعم البِدَار أولى فيما يظهر؛ لعموم قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (٦١)} [المؤمنون: ٦١].

(لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ) بفتح أوله، والهاء، وبالزاي: أي لا يُحرّكه، ولا يُقيمه إلا إرادة الصلاة، ومنه انتَهَزَ الفُرْصة: أي تحرّك لها، وحصَّلها، قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

وقال ابن الملقّن -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهره ترتيب المذكور من رفع الدرجات، وحطّ الخطيئات على اشتراط الخروج لها فقط، لا لأمر آخر من غير العبادات، ونظيره حجُّ من خَلَطَ به التجارة، أو غيرها من الأسباب الدنيويّة، فإنه ليس كمن محّضَ الخروج للحجّ، وكذا سائر العبادات، من الجهاد وغيره.

وأَسْنَد الفعل إلى الصلاة، وجعلها هي المحرّكة والمخرجة له، كأنه لفَرْط محافظته عليها، ورجاء ثوابها مُجْبَرٌ على خروجه إليها، وأنّ الصلاة هى الفاعلة للخروج، لا هو. انتهى (٢).

(لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ) أي لا يقصد إلا أداء الصلاة في جماعة فـ "أل" في "الصلاة" للعهد، والجملة حال مؤكّدة لما قبلها، والمضارع المنفيّ إذا وقع حالًا يجوز فيه الواو وتركه (٣). (فَلَمْ يَخْطُ) بفتح أوله وضم الطاء، من خطا يخطو خَطْوًا: إذا فتح ما بين قدميه، ومشى (خَطْوَةً) قال في "الفتح": ضبطناه بضم أوله، ويجوز الفتح، قال الجوهريّ: الخطوة بالضم: ما بين القدمين، وبالفتح المرة الواحدة، وجزم اليعمريّ أنها هنا بالفتح، وقال القرطبيّ: إنها في روايات مسلم بالضم. انتهى (٤).

وقال ابن الملقّن بعد ذكره نحو ما تقدّم: وقال غيرهم من المتأخّرين: كأن القياس أن يجيء في "خطوة" ثلاثة أوجه: الضمّ، والكسر، والفتح، كما هو في "جذوة"، وأشباهها، وقد قُرئ بالأوجه الثلاثة في {جَذْوَةٍ} [القصص: ٢٩] في السبع على ما أَصَّله أهل اللغة، من أن كلَّ ما كان على "فَعْلَةِ" لامه


(١) "المفهم" ٢/ ٢٨٩.
(٢) "الإعلام" ٢/ ٣٦٥.
(٣) راجع: "المرعاة" ٢/ ٤٠٩.
(٤) "الفتح" ٢/ ١٥٩.