تجوّزًا لرضاهم به. وقد جمع بعضهم بحمله على تعدد الواقعة، والأول أولى.
وقد سأل هذا السؤال أيضا أبو ذَرّ - رضي الله عنه -، رواه ابن حبان، وعُمير بن قتادة، رواه الطبراني، قاله في "الفتح"(١).
(يَا رَسُولَ الله، أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟) فيه حذفٌ، أيْ: أيُّ ذوي الإسلام؟ كما يدلّ عليه الجواب، وتؤيّده الرواية التالية:"أيُّ المسلمين أفضل؟ "، وبه يظهر دخول "أيّ" على متعدّد.
ويمكن أن يقال: المراد: أيّ أفراد الإسلام أفضل؟ أفاده السنديّ.
وقال في "الفتح": [إن قيل]: الإسلام مفرد، وشرط "أَيّ" أن تدخل على متعدد.
[أجيب]: بأن فيه حذفًا تقديره: أيُّ ذوي الإسلام أفضل؟، ويؤيده رواية مسلم:"أي المسلمين أفضل"، والجامع بين اللفظين، أن أفضلية المسلم حاصلة بهذه الخصلة، وهذا التقدير أولى من تقدير بعض الشراح هنا: أيُّ خصال الإسلام؟، وإنما قلت: إنه أولى؛ لأنه يلزم عليه سؤال آخر، بأن يقال: سُئِل عن الخصال، فأجاب بصاحب الخصلة، فما الحكمة في ذلك؟.
وقد يجاب بأنه يتأتّى، نحوَ قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} الآية [البقرة: ٢١٥]، والتقدير بأيِّ ذوي الإسلام؟ يقع الجواب مطابقًا له، بغير تأويل.
[فإن قيل]: "أفضل" أفعل تفضيل، وقد تقرّر في محلّه أن أفعل التفضيل لا يُستعمل إلا بأحد الأوجه الثلاثة، وهي: الإضافة، و"من"، واللام، ولا يوجد شيء منها هنا.
[أجيب]: بأنه يجوز تجريده من كلها عند العلم به، نحو قوله تعالى:{يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}[طه: ٧]، أي وأخفى من السرّ، ونحو قولك:"الله أكبر": أي أكبر من كلّ شيء، فالتقدير هنا: أفضل من غيره، ومعنى الأفضل: هو الأكثر ثوابًا عند الله تعالى، كما تقول: الصدق أفضل من غيره: أي هو أكثر