للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثوابًا عند الله تعالى من غيره، أفاده العينيّ رحمه الله تعالى (١).

[تنبيه]: وقع التعبير في حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هنا بلفظ: "أفضل"، وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما المذكور قبل حديث بلفظ: "خير".

فقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: والذي ظهر لي في الفرق بين "أفضل"، و"خير" أن لفظة "أفضل" إنما تستعمل في شيئين اشتركا في غير فضل، وامتاز أحدهما عن الآخر بفضل اختصّ به، فهذا الممتاز قد شارك ذاك في الفضل، واختصّ عنه بفضل زائد، فهو ذاك. وأما لفظة "خير" فتستعمل في شيئين، في كلّ منهما نوع من الخير، أرجح مما في الآخر، سواء كان لزيادة عليه في ذاته، أو في نفعه، أو غير ذلك، وإن اختلف جنساهما، فترجيح أحدهما على الآخر يكون بلفظة "خير"، فيقال مثلًا: النفع المتعدّي خير من النفع القاصر، وإن كان جنسهما مختلفًا، ويقال: زيد أفضل من عمرو، إذا اشتركا في علم، أو دين، ونحو ذلك، وامتاز أحدهما على الآخر بزيادة. وإن استُعمل في النوع الأول لفظة "أفضل"، مع اختلاف الجنسين، فقد يكون المراد أن ثواب أحدهما أفضل من ثواب الآخر، وأزيد منه، فقد وقع الاشتراك في الثواب، وامتاز أحدهما بزيادة منه.

وحينئذٍ فمن سلم المسلمون من لسانه ويده إسلامه أفضل من إسلام غيره، ممن ليس كذلك؛ لاشتراكهما في الإتيان بحقوف الله تعالى في الإسلام من الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ونحو ذلك، وامتاز أحدهما بالقيام بحقوق المسلمين، فصار هذا الإسلام أفضل من ذلك.

وأما المسلم: فيقال: هذا أفضل من ذاك؛ لأن إسلامه أفضل من إسلامه، ويقال: هو خير من ذاك؛ لترجح خيره على خير غيره، وزيادته عليه. انتهى كلام ابن رجب (٢).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) "من": موصولة، على


(١) راجع: "عمدة القاري" ١/ ١٥٣ - ١٥٤.
(٢) "شرح البخاريّ" لابن رجب رحمه الله تعالى ١/ ٤٠ - ٤١.