وأشار البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- إلى أن قصة بنى سَلِمَة كانت سبب نزول هذه الآية، وقد ورد مُصَرَّحًا به من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، أخرجه ابن ماجه، وغيره وإسناده قويّ، قاله في "الفتح"(١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وقد أخرجه البخاريّ من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- (٦٥٥ و ١٨٨٧) كما أسلفناه آنفًا.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٥١/ ١٥٢٠ و ١٥٢١](٦٦٥)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(١٩٨٢)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٣٣٢ و ٣٣٣ و ٣٧١ و ٣٩٠)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١/ ٣٨٧)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٩٩١)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٢٠٤٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٣/ ٦٤)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل كثرة الْخُطا إلى المساجد.
٢ - (ومنها): بيان أن أعمال البرّ إذا كانت خالصةً تكتب آثارها حسنات.
٣ - (ومنها): دَلّت هذه الأحاديث عَلَى أن المشي إلى المساجد يُكتب لصاحبه أجرهُ، وهذا مِمَّا تواترت السنن بِهِ، وقد سبق حَدِيْث أَبِي موسى الأشعريّ -رضي اللَّه عنه-، مرفوعًا:"أعظم النَّاس أجرًا فِي الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى"، وفي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-، عَن النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة"، متّفقٌ عليه.
وأخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، عَن عَبْد الرحمن بْن سعد، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-، عَن النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ:"الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرًا".