للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"النهر" -بفتح الهاء، وسكونها، وبفتحتين أيضًا- وكذلك يقال في كل ما كان عين الفعل منه حرف حلق، مثلُ شَعْرٍ وشَعَرٍ، ودَهْرٍ ودَهَرٍ، وبَحْرٍ وبَحَرٍ، وبَعْرٍ وبَعَرٍ، وهو: ما بين جَنْبَي الوادي، سُمِّي نهرًا؛ لسعته، وكذلك سمي النهار لسعة ضوئه (١).

(بِبَابِ أَحَدِكُمْ) جارّ ومجرور في محلّ نصب صفة لـ "نهرًا"، أي نهرًا كائنًا بباب أحدكم، قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه تنبيه على قرب تناوله، وسهولة تأتِّي استعماله. انتهى (٢).

(يَغْتَسِلُ مِنْهُ) أي من ذلك النهر، والجملة في محلّ نصب على الحال من "نهرًا"؛ لوصفه بالجارّ والمجرور، أو صفة له بعد صفة (كُلَّ يَوْمٍ) منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ "يغتسل"، وقوله: (خَمْسَ مَرَّاتٍ) مفعول مطلق على النيابة لـ "يغتسل"، أي اغتسالًا خمسَ مرّات.

(هَلْ يَبْقَى) بفتح أوله، وثالثه مضارع بَقِيَ ثلاثيًّا، من البقاء، وفي رواية البخاريّ: "يُبْقِي" من الإبقاء رباعيًّا (مِنْ دَرَنِهِ) متعلّق بـ "يَبْقَى"، و"الدَّرَن" بفتحتين: الوسَخُ، قال في "الفتح": وقد يُطلق الدرن على الْحَبّ الصغار التي تحصل في بعض الأجساد. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: لم أجد هذا الإطلاق في "القاموس"، ولا في "اللسان"، ولا في "المصباح"، ولا في "المختار"، إلا أنه قال في "المعجم الوسيط": الدَّرَنُ من أمراض الرئتين مُحْدثةٌ. انتهى.

وكون هذا هو المراد في الحديث بعيدٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: ذكر القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "المفهم" رواية بلفظ: "هل يبقى من درنه"، بلا ذكر لفظة "شيءٌ"، قال: كذا صحّت الرواية بفتح ياء "يَبْقَى" مبنيّ للفاعل، وبإثبات "مِنْ"، وبتمام الكلام على "دَرَنِهِ"، من غير "شيء"، ويُحْمَلُ على أن "من" زائدة على الفاعل؛ لأن الكلام قبلها غير موجب، فكأنه قال: "هل يَبْقَى دَرَنُهُ"؟، وقد تَخَيَّل بعض الناس أن في الكلام حذفًا، فقال: هل


(١) راجع: "المفهم" ٢/ ٢٩٣.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ٦٤٤.