للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَبْقَى من درنه شيءٌ؟ ولا تَعْضِده الرواية، ولا القانون النحويّ. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذه الرواية التي ذكرها القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لم أجدها في النسخ التي بين يديّ، من نسخ "صحيح مسلم"، فكلّ النسخ فيها: "هل يَبْقَى من درنه شيءٌ" بإثبات لفظة "شيءٌ"، فليُحرّر، واللَّه تعالى أعلم.

وقد ذكر الطيبيّ أيضًا نحو ما ذكره القرطبيّ، حيث أعرب الجملة بقوله: و"من" في قوله: "من درنه" استغراقيّة زائدة (٢) لِمَا دَخَلَ في حيِّز الاستفهام، و"درنه" فاعل "يَبْقَى". انتهى (٣).

وقوله: (شَيْءٌ؟ ") مرفوع على الفاعليّة لـ "يبقى" (قَالُوا) أي الصحابة الحاضرون لهذا السؤال (لَا يَبْقَى) بعد هذه الاغتسالات المتكرّرة (مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه مبالغة في نفي درن الذنوب ووسخ الآثام، ومن ثمّ ما اكتفَوْا في الجواب بـ "لا"، بل زادوا فيه.

[تنبيه]: وقع في رواية البخاريّ بلفظ: "ما تقول (٤) ذلك يُبْقي من دَرَنه؟ فقال ابن مالك: فيه شاهدٌ على إجراء فعل القول مُجرى الظنّ، والشرط فيه أن يكون فعلًا مضارعًا مسندًا إلى المخاطب، متّصلًا بالاستفهام، مثاله: "أتقول زيدًا منطلقًا؟ "، وكما في هذا الحديث، هذه هي اللغة المشهورة للعرب، وأما بنو سُلَيم فإنهم يُجرون القول مطلقًا مُجرى الظنّ، بلا شرط، فيقولون: قلتُ زيدًا منطلقًا، ونحو ذلك، وإلى هذا كلّه أشار في "الخلاصة" بقوله:

وَكَـ "تَظُنُّ" اجْعَلْ "تَقُولُ" إِنْ وَلي … مُسْتَفْهَمًا بِهِ وَلَمْ يَنْفَصِلِ

بِغَيْرِ ظَرْفٍ أَوْ كَظَرْفٍ أَوْ عَمَلْ … وَإِنْ بِبَعْضِ ذِي فَصَلْتَ يُحْتَمَلْ

وَأُجْرِيَ الْقَوْلُ كَظَنٍّ مُطْلَقًا … عِنْدَ سُلَيْمٍ نَحْوُ "قُلْ ذَا مُشْفِقَا"

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "ذلك" مفعولٌ أوّل لـ "تقول"، و"يُبقي" مفعوله


(١) "المفهم" ٢/ ٢٩٣ - ٢٩٤.
(٢) هكذا النسخة، والظاهر أن لفظة: "زائدة" مقدّمة على "استغراقيّة"، فتأمل.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٨٦٥.
(٤) وفي رواية ابن حبّان: "ما تقولون؟ ".