للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثاني، و"ما" استفهاميّة منصوبةٌ بـ "يُبقِي"، وقُدِّم؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام، والتقدير: أيّ شيء تظنُّ أيها السامع ذلك الاغتسال مُبقيًا من درنه؟. انتهى (١).

(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("فَذَلِكَ) أي ما ذُكر من الاغتسال الموصوف بالتكرار خمس مرّات (مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الفاء في قوله: "فذلك" داخلة على جواب شرط محذوف، أي إذا أقررتم ذلك، وصحّ عندكم، فهو مَثَلُ الصلوات الخمس، ومِصداق ذلك قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤]، قيل: صلاة الفجر والظهر طرفٌ، وصلاة العصر والمغرب طرفٌ، وزلفًا من الليل صلاة العشاء. انتهى (٢).

و"المثل" -بفتحتين، وبكسر، فسكون-، ويقال فيه أيضًا: المثيل كالكريم: الشبيه، وقيل: الْمِثْل -بكسر، فسكون-: الشِّبْهُ، والْمَثَلُ -بفتحتين-: الوصف، أفاده الفيّوميّ (٣).

ومعنى الحديث: أن ما ذُكر من الاغتسال شبيه بالصلوات الخمس، أو ما ذُكِر من إزالة الوسخ على وجهٍ أبلغَ صفةُ الصلوات الخمس.

وجملة قوله: (يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا") جملة في محلّ نصب على الحال من "الصلوات الخمس"، أي حال كونه عزَّ وجلَّ مُزيلًا بهذه الصلوات الخمس خطايا المصلّي.

قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: [إن قلت]: من أيّ التشبيهِ هذا التشبيُه؟.

[قلت]: هو من تشبيه الهيئة بالهيئة، ولا حاجة فيه إلى تكلُّف اعتبار تشبيه الأجزاء بالأجزاء، فلا يقال: أيُّ شيء يُعْتَبَرُ مِثْلًا للنهر في جانب الصلاة. انتهى.

وقال في "الفتح": وفائدة التمثيل التأكيد، وجعل المعقول كالمحسوس.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٨٦٥.
(٢) "الكاشف" ٣/ ٨٦٥.
(٣) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٥٦٣ - ٥٦٤.