للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الغدّو المضيّ من بُكرة النهار، والرواح بعد الزوال، ثم قد يُستعملان في كل ذهاب، ورجوع؛ توسّعًا. انتهى (١).

وقال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "الغدُوّ": يكون من أول النهار، و"الرواح": يكون من آخره بعد الزوال، وقد يُعبّر بهما (٢) عن الخروج والمشي، سواء كان قبل الزوال، أو بعده، كما في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من راح في الساعة الأولى، فكأنما قرّب بدنة. . . " على ما حمله عليه جمهور العلماء. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أصل "غَدَا" خرج بغَدْوٍ، أي أتى مبكّرًا، و"راحَ" رجع بعشيّ، ثم قد يُستعملان في الخروج، والرجوع مطلقًا؛ توسّعًا، وهذا الحديث يصلح أن يُحْمَل على الأصل، وعلى التوسّع به. انتهى (٤).

(إِلَى الْمَسْجِدِ) متعلّق بـ "غدا"، وقوله: (أَوْ رَاحَ) حُذف متعلّقه؛ لدلالة ما قبله عليه، أي إليه (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ) أي هيّأ له، ومنه قوله [من المتقارب]:

وَأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ أَوْزَارَهَا … رِمَاحًا طِوَالًا وَخَيْلًا ذُكُورَا

(فِي الْجَنَّةِ) وفي رواية البخاريّ: "من الجنّة" (نُزُلًا) بضمّتين، أو بضمّ، فسكون: ما يُهيّأ للضيف من الكرامة.

وفي رواية للبخاريّ: "نُزُلَه" بالإضافة، قال في "الفتح": و"النُّزُلُ" بضمّ النون والزاي: المكان الذي يُهيّأ للنزول فيه، وبسكون الزأي: ما يُهيّأ للقادم من الضيافة ونحوها، فعلى هذا "من" في قوله: "من الجنّة"، -أي رواية البخاريّ- للتبعيض على الأول، وللتبيين على الثاني، قال: ورواه مسلم، وابن خزيمة، وأحمد بلفظ: "نُزُلًا في الجنّة" وهو مُحْتَمِلٌ للمعنيين. انتهى (٥).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي ذكره في الفتح من التفرقة بين النُّزُل بضمتين، والنُّزْل بضم، فسكون محلّ نظر؛ لأن الذي ذكره أصحاب اللغة يفيد أن الساكن والمضموم بمعنى واحد، ودونك عبارة "القاموس": و"النُّزل"


(١) "الفتح" ٢/ ١٧٤.
(٢) وقع في النسخة: "بأحدهما" ولعل الصواب "بهما" كما هو في كتب اللغة.
(٣) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٦/ ٥٣.
(٤) "المفهم" ٢/ ٢٩٤.
(٥) "الفتح" ٢/ ١٧٤.