للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟) أي تجلس معه (قَالَ) جابر -رضي اللَّه عنه- (نَعَمْ) أي كنتُ أجالسه، وقوله: (كَثِيرًا) نعتٌ لمصدر محذوف، أي جلوسًا كثيرًا، أو هو منصوب على الظرفيّة، والأصل وقتًا كثيرًا (كَانَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي بعض النسخ: "فكان" (لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ) أي من موضع صلاته (الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ، أَوِ) للشكّ من الراوي (الْغَدَاةَ) أي صلاة الغَدَاة، و"الْغَدَاة" بفتح الغين المعجمة، وتخفيف الدال: الْبُكْرةُ، أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس، كالْغُدْوة بالضمّ، والْغَدِيّة، أفاده في "القاموس" (١).

وهذا لا يعارِضُ ما جاء عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سلّم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت، يا ذا الجلال والإكرام"، رواه مسلم.

لإمكان الجمع بحمل هذا الحديث على أن المراد لم يقعد مستقبل القبلة، إلا المقدار المذكور، ثم يَلْتَفت يمنةً، أو يسرةً، أو يستقبل المأمومين.

وقيل: المراد: أنه لم يقعد في الصلاة التي بعدها راتبة، وأما التي لا راتبة بعدها، كصلاة الصبح فكان يقعد، والأول أقرب، واللَّه تعالى أعلم.

(حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) يقال: طلعت الشمس طُلُوعًا، من باب قعَدَ، ومَطْلَعًا بفتح اللام وكسرها: ظَهَرَت، وكلّ ما بدا لك من عُلُوّ فقد طلع عليك (٢).

زاد في الرواية التالية قوله: "حسنًا" أي طلوعًا حسنًا، بأن ترتفع، ويخرج وقت النهي عن الصلاة.

وفيه فضل هذا الوقت، وقد أخرج الترمذيّ في "جامعه" عن أنس -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر اللَّه حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة"، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تامة تامّة تامّة"، وفي سنده أبو ظِلال القَسْملي ضعّفه الأكثرون، لكن الحديث صحيحٌ بشواهده.


(١) راجع: "القاموس المحيط" ٤/ ٣٦٨ - ٣٦٩.
(٢) أفاده في "المصباح" ٢/ ٣٧٥، و"القاموس" ٣/ ٥٩.