للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرج أبو داود في "سننه" عن أنس -رضي اللَّه عنه- أيضًا، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأن أقعد مع قوم يذكرون اللَّه من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحبّ إليّ من أن أُعتق أربعةً من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون اللَّه من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحبّ إليّ من أن أُعتق أربعة"، قال الحافظ العراقي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إسناده حسن.

(فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ) النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى بيته، أو محلّ حاجته.

(وَكَانُوا) أي الصحابة الذين كانوا معه في ذلك الوقت (يَتَحَدَّثُونَ، فَيَأْخُذُونَ) أي يشرعون (فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ) وفي رواية النسائيّ: "يذكرون حديث الجاهليّة"، أي يذكرون الأعمال التي كانوا يعملونها في أيام كونهم غير مسلمين، وإنما كانوا يذكرونها، استقباحًا لها، وشُكرًا لما هداهم اللَّه عزَّ وجلَّ إليه من الدين الحنيف، وأبدلهم أعمالًا صالحة، تنفعهم في الدنيا والآخرة.

زاد في رواية النسائيّ: "ويُنشدون الشعر" بضم الياء، من الإنشاد، وهو القراءة.

و"الشعر": هو الكلام المُقَفَّى الموزون بأوزان مخصوصة قصدًا، فلا يُسَمَّى ما وقع اتفاقًا شعرًا، ولا قائله شاعرًا، كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَغٌ دَمِيتِ … وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ

قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولعله الشعر الْمُشْتَمِل على النصائح، أو غير المشتمِل على القبائح. انتهى.

(فَيَضْحَكُونَ) تعجّبًا مما سلف لهم في أيام الجاهليّة، يقال: ضَحِكَ من زيد، وضَحِكَ به يضحَكُ ضَحِكًا، وضَحْكًا، مثلُ كَلِمٍ وَكَلْمٍ: إذا سَخِرَ منه، أو عَجِبَ، فهو ضاحكٌ، وضَحّاكٌ مبالغةٌ (١). (وَيَتَبَسَّمُ) وفي نسخة: "وتبسّم" بصيغة الماضي، يقال: بَسَمَ بَسْمًا، من باب ضرب: ضَحِك قليلًا من غير صوت، وابتسم، وتَبَسَّمَ كذلك، ويقال: هو دون الضَّحِك، قاله في "المصباح"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٥٨.