للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فشيخه هارون قال في روايته: "حدّثني ابن أبي ذُباب"، فكناه، وأما شيخه إسحاق بن موسى، فقال في روايته: "حدّثني الحارث"، فسمّاه، وهو ابن أبي ذُباب نفسه، فتنبّه لهذه الدقائق، واللَّه تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، وفيه أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-، سيّد الحفّاظ.

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ، مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ) لم أجد من ذكر سبب تسميته بهذا، ولعلّه للزومه له، وقد سبق أنه يقال له: مولى مزينة، ومولى الأزد، واللَّه تعالى أعلم. (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: قَالَ: "أَحَبُّ الْبِلَادِ) أي أحبّ بيوت البلاد، أو بقاعها (إِلَى اللَّهِ) عزَّ وجلَّ (مَسَاجِدُهَا) أي لأنها بيوت الطاعات، وأساسها على التقوى (وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا") أي لأنها محلّ الغشّ، والخِدَاع، والربا، والأيمان الكاذبة، وإخلاف الوعد، والإعراض عن ذكر اللَّه تعالى، وغير ذلك مما في معناه.

قال النوويّ: والحبّ والبغض من اللَّه تعالى إرادته الخير والشرّ، أو فعله ذلك بمن أسعده وأشقاه، والمساجد محلّ نزول الرحمة، والأسواق ضدّها. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد سبق في "كتاب الإيمان" أن تفسير الحبّ والبغض في صفة اللَّه تعالى بالإرادة، ونحوه ليس تفسيرًا صحيحًا؛ لأنه تفسير باللازم، والحقّ أن الحبّ والبغض من صفات اللَّه تعالى الثابتة له بالكتاب والسنّة على ظاهرهما كما يليق بجلاله عزَّ وجلَّ، ولا يؤوّلان بالإرادة ولا بغير ذلك، بل نثبتهما له تعالى، كما أثبتهما لنفسه، وأثبته النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- له في هذا الحديث، على ما يليق بجلاله تعالى، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

[تنبيه]: جاء بمعنى حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا حديثُ جبير بن مطعم،


(١) "شرح النووي" ٥/ ١٧١.