للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "صحيح ابن حبان": قال شعبة: فقلت لإسماعيل بن رَجَاء: ما تكرمته؟ قال: فراشه. انتهى.

وقال في "اللسان": التَّكْرِمة: الموضع الخاصّ لجلوس الرجل، من فراش، أو سرير، مما يُعَدُّ لإكرامه، وهي تَفْعِلَة من الكَرامة. انتهى (١).

وقال النوويّ، وابن رِسْلان: التكرمة: الفراش، ونحوه، مما يُبْسَط لصاحب المنزل، ويَختَصُّ به، دون أهله، وقيل: هي الوسادة، وفي معناها السرير ونحوه.

وقال التوربشتيّ: "تكرمته" هي ما يُعدّ للرجل إكرامًا له في منزله، من فراش، وسجّادة، ونحوهما، وقيل: "تكرمته" مائدته، ولا إسناد لهذا، ولا مأخذ يُعتدّ به، قال البيضاويّ: على هذا هو في الأصل مصدر كرّم تكريمًا أُطلق على ما يُكْرَم به مجازًا. انتهى (٢).

وإنما نُهِي عن القعود على تكرمة الرجل؛ لأن المكان الذي يجلس فيه صاحب الدار عادةً، ويَخُصّ به نفسه، يكون محلًا لأشياء لا يحب أن يَطَّلِع عليها غيره، أو يكون مشرفًا على داره كلها، أو على ما يريده هو، فيرى منه أحوال أهل بيته، ويبلغهم ما يريد، فإذا أذن لغيره بالجلوس، عُلِم أن المكان آمن من ذلك كله، واللَّه تعالى أعلم.

(إِلَّا بِإِذْنِهِ") قيل: الاستثناء متعلِّق بكلا الفعلين، فيجوز أن يؤم الزائر صاحب البيت، ويجلس على تكرمته بإذنه، وقيل: متعلق بالثاني فقط، والراجح الأول.

قال الإمام أبو عيسى الترمذيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والعمل على هذا -يعني حديث أبي مسعود المذكور في الباب- عند أهل العلم، قالوا: أحقُّ الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب اللَّه، وأعلمهم بالسنّة، وقالوا: صاحب المنزل أحق بالإمامة، وقال بعضهم: إذا أَذِن صاحب المنزل لغيره، فلا بأس أن يصلي بهم، وكرهه بعضهم، وقالوا: السنّة أن يصلي صاحب البيت.

قال أحمد بن حنبل: وقول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يُؤَمُّ الرجلُ في سلطانه، ولا


(١) "لسان العرب" ١٢/ ٥١٥.
(٢) راجع: "الكاشف" ٤/ ١١٥٣.