وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولا يؤمنّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه": معناه ما ذكره أصحابنا -يعني الشافعية- وغيرُهم؛ أن صاحب البيت، والمجلس، هامام المسجد، أحقّ من غيره، وإن كان ذلك الغير أفقه، وأقرأ، وأورع، وأفضل منه، وصاحب المكان أحقُّ، فإن شاء تقدم، وإن شاء قدَّم من يريده، وإن كان ذلك الذي يقدِّمه مفضولًا بالنسبة إلى باقي الحاضرين؛ لأنه سلطانه، فيتصرف فيه كيف شاء.
قال أصحابنا: فإن حضر السلطان، أو نائبه، قُدِّم على صاحب البيت، وإمام المسجد، وغيرهما؛ لأن ولايته وسلطنته عامّة، قالوا: ويستحب لصاحب البيت أن يأذن من هو أفضل منه. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
(وَلَا يَقْعُدْ)"لا" ناهية أيضًا، والفعل مجزوم بها.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا هو الظاهر، وذكر في "المرعاة" أنه قيل: بالرفع، فإن صحّ روايةً فـ "لا" تكون نافية، والمراد بالنفي هو النهيُ، وإلا فالوجه هو الأول، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
(فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ) نهي للرجل أيضًا عن القعود على ما يُكرَمُ به الرجل في بيته من فراش أو نحوه، إلا بإذنه.
و"التكرمة": -بفتح التاء، وكسر الراء- هي في الأصل مصدر على تَفْعِلَة من كَرَّمَ المضعَّف، على قلة؛ لأن قياس مصدر فَعَّل المضاعف إذا كان صحيح اللام على تَفْعِيلٍ، ككلّم تكليمًا، وسلّم تسليمًا، وندر مجيئه على تَفْعِلَةٍ، كَكَرَّمَ تَكْرِمَةً، وجَرّب تَجْرِبَةً، وإذا كان معتلّ اللام جاء على تفعِلَة، كزكَّى تزكية، وولّى تولية، وندر مجيئه على تفعيل، كقوله [من الرجز]: