للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التسهيل": مثال الابتداء بنكرة هي وصفٌ: قول العرب: ضَعيفٌ عاذ بقَرْمَلة، أي إنسان ضعيف، أو حَيَوَانٌ ضعيفٌ التجأ إلى ضعيف، والْقَرْمَلَةُ شجرة ضعيفةٌ، ويجوز أن تكون الجملة الشرطيّة صفة و"ثلاثٌ" كما أنه يجوز أن تكون خبر المبتدأ في قولك: زيدٌ إن تُعطه يشكرك، أو صِلَةً للموصول، كما في قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} [النساء: ٩]، أو حالًا لذي الحال، كما في قوله تعالى: {إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ} [الأعراف: ١٧٦]، ويكون الخبر: "من كان الله ورسوله أحبّ إليه وعلى التقديرين لا بدّ من تقدير مضاف قبل: "من كان"؛ لأنه على الأول إما بدلٌ عن "ثلاث"، أو بيانٌ، وعلى الثاني خبرٌ، قيل: لا بُدّ من إضمار مضاف قبل كلٍّ؛ لاستقامة المعنى، تقديره قبل "من" الأولى والثانية: محبة من كان الله ورسوله، ومحبة من أحبّ عبدًا، وقبل "من" الثالثة: وكراهة من يكره أن يعود، ولشدّة اتّصال المضاف بالمضاف إليه في الإضافات الثلاث، وغلبة المحبّة والكراهة عليهم حُذف المضاف. انتهى كلام الطيبيّ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: تقدير المضاف الذي ذكره هذا بالنسبة للجزء الأول، وهو قوله: "من كان الله … إلخ"، وأما بالنسبة للجزأين الأخيرين فلا حاجة إليه؛ لأنهما بلفظ "أن" المصدريّة، لا بلفظ "من"، وإنما يأتي هذا في الرواية التي بعد هذا، فإنها كلها بلفظ "من"، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(مَنْ) قال الكرمانيّ: "من" مبتدأ، والشرط والجزاء معًا خبره، أو الشرط فقط، على اختلاف فيه، و"من" إما شرطيّةٌ، وإما موصولة متضمّنةٌ لمعنى الشرط (كُنَّ فِيهِ) أي حَصَلْنَ و"كان" تامة (وَجَدَ) بمعنى أصاب، ولهذا عُدّي إلى مفعول واحد (بِهِنَّ حَلَاوَةَ الايمَانِ) قيل (٢): معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات، وتحمل المشقات، في رضى الله عز وجل ورسوله، وإيثار ذلك على عَرَض الدنيا؛ رغبةً في نعيم الآخرة الذي لا يبيد ولا يفنى.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٤٤٤.
(٢) إنما عبّرت بـ "قيل" إشارة إلى ضعف هذا التفسير للحلاوة؛ إذ الصحيح أن هذا من ثمرات الحلاوة، وليس هو عينها؛ إذ هي شيء يجده المؤمن في قلبه، ويُحسّ به، كما يُحسّ بحلاوة الطعام والشراب، كما سيأتي تحقيقه، فتنبّه، والله تعالى أعلم.