وروي عن عُتبة الغلام أنه قال: كابدت الصلاة عشرين سنة، ثم تلذّذت بها باقي عمري.
ومحبة العبد ربه سبحانه وتعالى التزام طاعته، وترك مخالفته، كما قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي}[آل عمران: ٣١]، وكذلك محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي التزام شريعته، واتّباع طاعته، ولَمّا لم نصل إلى الإيمان إلا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت محبّته من الإيمان.
وقد سئل بعضهم عن المحبّة ما هي؟ فقال: مواطأة القلب لمراد الربّ، أن توافق الله عز وجل، فتُحبّ ما أحبّ، وتكره ما كره، ولبعضهم في هذا المعنى شعرًا [من الكامل]:
وقال القاضي رحمه الله تعالى: هذا الحديث بمعنى الحديث المتقدم: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولًا"، وذلك أنه لا تصح المحبة لله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - حقيقةً، وحبُّ الآدمي في الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكراهةُ الرجوع إلى الكفر إلا لمن قَوِيَ بالإيمان يقينه، واطمأنّت به نفسه، وانشرح له صدره، وخالط لحمه ودمه، وهذا هو الذي وَجَدَ حلاوته، قال: والحب في الله من ثمرات حب الله، قال بعضهم: المحبة مواطأة القلب على ما يُرْضِي الربّ سبحانه وتعالى، فيحبّ ما أحبّ، ويَكْرَه ما كَرِهَ، واختلفت عبارات المتكلمين في هذا الباب بما لا يؤول إلى اختلاف إلا في اللفظ.
وبالجملة أصل المحبة الميل إلى ما يوافق المحبّ، ثم الميل قد يكون لما يستلذه الإنسان ويستحسنه، كحسن الصورة والصوت والطعام ونحوها، وقد يستلذه بعقله للمعاني الباطنة، كمحبة الصالحين والعلماء وأهل الفضل مطلقًا، وقد يكون لإحسانه إليه، ودفعه المضارّ والمكاره عنه، وهذه المعاني كلها موجودة في النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لِمَا جَمَعَ من جمال الظاهر والباطن، وكمال خلال الجلال، وأنواع الفضائل، وإحسانه إلى جميع المسلمين بهدايته إياهم إلى الصراط المستقيم، ودوام النِّعَم، والإبعاد من الجحيم، وقد أشار بعضهم إلى