للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُويرِثِ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي وافدين عليه سنة الوفود، وأراد بقوله: "أتينا" نفسه وقومه، وهم بنو ليث بن بكر بن عبد مناف بن كنانة، وكان قدوم وفد بني ليث فيما ذكره ابن سعد بأسانيد متعددة أن واثلة الليثيّ قدم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يتجهز لتبوك، قاله في "الفتح" (١)، وقال في موضع آخر: وقد ذكر ابن سعد ما يدلّ على أن وفادة بني ليث، رهطِ مالك بن الحويرث المذكور، كانت قبل غزوة تبوك، وكانت تبوك في شهر رجب سنة تسع (وَنَحْنُ شَبَبَةٌ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، و"الشَّبَبَةُ" -بمعجمة، وموحدتين، وفتحات-: جمع شابّ، وهو مَن كان دون الكهولة، وفي الرواية التالية: "أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ناس"، وفي رواية للبخاريّ: "أتيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في نفر من قومي"، والنفر عدد لا واحد له من لفظه وهو من ثلاثة إلى عشرة، وفي رواية خالد الحذّاء الآتية: "أتيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنا وصاحب لي"، وجمع القرطبي باحتمال تعدد الوفادة، قال الحافظ: وهو ضعيف؛ لأن مخرج الحديثين واحد، والأصل عدم التعدد، والأولى في الجمع أنهم حين أَذِنَ لهم في السفر كانوا جميعًا، فلعل مالكًا ورفيقه عادا إلى توديعه، فأعاد عليهما بعض ما أوصاهم به؛ تأكيدًا وأفاد ذلك زيادة بيان أقل ما تنعقد به الجماعة. انتهى.

(مُتَقَارِبُونَ) أي في السنّ، بل في أعمّ منه، ففي رواية حفص بن غياث الآتية، قال الحذّاء: "وكانا متقاربين في القراءة"، وعند أبي داود، من طريق مسلمة بن محمد، عن خالد الحذّاء: "وكنّا يومئذ متقاربين في العلم"، ومن هذه الزيادة يؤخذ الجواب عن كونه قَدَّمَ الأسنّ، فليس المراد تقديمه على الأقرأ، بل في حال الاستواء في القراءة، قال في "الفتح": ولم يستحضر الكرمانيّ هذه الزيادة، فقال: يؤخذ استواؤهم في القراءة من القِصّة؛ لأنهم أسلموا، وهاجروا معًا، وصَحِبُوا، ولازموا عشرين ليلةً، فاستووا في الأخذ، وتُعُقّب بأن ذلك لا يستلزم الاستواء في العلم؛ للتفاوت في الفهم؛ إذ لا تنصيص على الاستواء. انتهى.


(١) "الفتح" ٢/ ١٣١.