للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً) أي بأيّامها، ففي رواية البخاريّ: "فأقمنا عنده عشرين يومًا وليلةً" (وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَحِيمًا رَقِيقًا) بقافين، من الرّقّة، أي رقيق القلب، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هو بالقافين ضبطناه في مسلم، وضبطناه في البخاريّ بوجهين: أحدهما هذا، والثاني "رفيقًا" بالفاء والقاف، وكلاهما ظاهرٌ. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "رقيقًا" بقافين، وبفاء ثم قاف، ثبت ذلك عند رُواة البخاريّ على الوجهين، وعند رواة مسلم بقافين فقط، وهما متقاربان في المعنى المقصود هنا. انتهى.

(فَظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَقْنَا أَهْلَنَا) بالإفراد، وفي رواية للبخاريّ: "اشتهينا أهلنا"، في رواية الكشميهنيّ: "أهلينا" بكسر اللام، وزيادة ياء، وهو جمع أهل، ويجمع مُكَسَّرًا على أَهَالٍ -بفتح الهمزة مخففًا- وفي رواية: "فلما رأى شوقنا إلى أهلنا"، والمراد بأهلِ كلٍّ منهم زوجته، أو أعمُّ من ذلك.

(فَسَأَلَنَا) بفتح اللام أي سأل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مالكًا وأصحابه (عَنْ مَنْ تَرَكْنَا مِنْ أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("ارْجِعُوا) إنما أذن لهم في الرجوع؛ لأن الهجرة كانت قد انقطعت بفتح مكة، فكانت الإقامة بالمدينة باختيار الوافد، فكان منهم من يسكنها، ومنهم من يرجع بعدَ أن يتعلم ما يَحتاج إليه (إِلَى أَهْلِيكُمْ) جمع أهل، والأهل من النوادر، حيثُ يُجمَع مكسّرًا، نحو الأهالي، ومُصحَّحًا بالواو والنون، نحو الأهلين، وبالألف والتاء، نحو الأهلات، قاله في "العمدة".

ووقع في رواية البخاريّ: "وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- رحيمًا، فقال: لو رجعتم إلى بلادكم فعلّمتموهم"، فهذا فيه أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- عَرَضَ الرجوع عليهم، بخلاف الأول، فإنه أمرهم به أمرًا، فقال: "ارجعوا إلى أهليكم".

ويمكن الجمع بينهما بأن يكون عَرَض ذلك عليهم على طريق الإيناس بقوله: "لو رجعتم"؛ إذ لو بدأهم بالأمر بالرجوع، لأمكن أن يكون فيه تنفير، فيَحْتَمِل أن يكونوا أجابوه بنعم، فأمرهم حينئذ بقوله: "ارجعوا"، واقتصار


(١) "شرح النوويّ" ٥/ ١٧٤.