للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحابيّ على ذكر سبب الأمر برجوعهم بأنه الشوق إلى أهليهم، دون قصد التعليم هو لِمَا قام عنده من القرينة الدالّة على ذلك.

ويمكن أن يكون عَرَفَ ذلك بتصريح القول منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإن كان سبب تعليمهم قومَهُم أشرف في حقهم، لكنه أخبر بالواقع، ولم يتزين بما ليس فيهم، ولما كانت نيتهم صادقةً صادف شوقهم إلى أهلهم الحظَّ الكامل في الدين، وهو أهلية التعليم، كما قال الإمام أحمد: في الحرص على طلب الحديث حظّ وافَقَ حَقًّا، قاله في "الفتح" (١).

(فَأَقِيمُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ) حذف مفعوله؛ للتعميم، أي كلّ ما يحتاجون إليه من أمر دينهم (وَمُرُوهُمْ) أي بالمعروف، وهو من عطف الخاصّ على العامّ؛ لأن التعليم يعمّ الأمر بالمعروف.

وقال في "الفتح": قوله: "وعلِّموهم، ومروهم" بصيغة الأمر ضدِّ النهي، والمراد به أعمّ من ذلك؛ لأن النهي عن الشيء أمرٌ بفعل خلاف ما نُهِي عنه اتفاقًا، وعطف الأمر على التعليم؛ لكونه أَخَصّ منه، أو هو استئناف، كأن سائلًا قال: ماذا نعلمهم؟ فقال: مروهم بالطاعات، وكذا وكذا، ووقع في رواية حماد بن زيد عن أيوب عند البخاريّ في "الصلاة": "مروهم، فليصلّوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا"، فعُرِف بذلك المأمور المبهم في رواية الباب، قال: ولم أر في شيء من الطرُقِ بيان الأوقات في حديث مالك بن الحويرث، فكأنه ترك ذلك لشهرتها عندهم.

وزاد في رواية البخاريّ أيضًا: "وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها، وصلُّوا كما رأيتموني".

قال في "الفتح": قوله: "وذكر أشياء أحفظها ولا أحفظها" قائل هذا هو أبو قلابة، راوي الخبر، ووقع في رواية أخرى: "أو لا أحفظها"، وهو للتنويع، لا للشكّ.

وقوله: "وصلوا كما رأيتموني أصلي"، أي ومن جملة الأشياء التي يحفظها أبو قلابة عن مالك، قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا.


(١) ٢/ ٢٠١.