للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإجماع، أو الخبر بالنقل، فهو لا حرج على تاركه في صلاته، وما لم يَخُصّه الإجماع، أو الخبر بالنقل، فهو أَمْرُ حتمٍ على المخاطبين كافّةً، لا يجوز تركه بحال. انتهى كلام ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

وقال في "الفتح": قال ابن دقيق العيد: استَدَلّ كثير من الفقهاء في مواضع كثيرة على الوجوب بالفعل مع هذا القول، وهو: "صَلُّوا كما رأيتموني أصلي"، قال: وهذا إذا أُخِذ مُفْرَدًا عن ذكر سببه وسياقه، أشعر بأنه خطاب للأمة بأن يصلوا كما كان يصلي، فَيَقْوَى الاستدلال به على كلّ فعل ثبت أنه فعله في الصلاة، لكن هذا الخطاب إنما وقع لمالك بن الحويرث وأصحابه بأن يوقعوا الصلاة على الوجه الذي رأوه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصليه، نعم يشاركهم في الحكم جميع الأمة، بشرط أن يثبت استمراره -صلى اللَّه عليه وسلم- على فعل ذلك الشيء المستَدَلِّ به دائمًا، حتى يدخل تحت الأمر ويكون واجبًا، وبعض ذلك مقطوع باستمراره عليه، وأما ما لم يدل دليل على وجوده في تلك الصلوات التي تعلَّق الأمر بإيقاع الصلاة على صفتها، فلا نحكم بتناول الأمر له. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي الأظهر ما قاله ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وخلاصته: أن كلّ ما كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعله في صلاته فهو على الوجوب دائمًا؛ للأمر في هذا الحديث، إلا ما خصّ الدليل على أنه من المستحبّات، وليس من الواجبات، وذلك بأن يأتي دليلٌ من النصّ خاصّ به يدلّ على استحبابه، أو يوجد إجماع أهل العلم على استحبابه، وما لم يوجد ذلك، فهو على الوجوب، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٥٣٧] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ (ح).


(١) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ٤/ ٥٤٣.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٢٤٩ - ٢٥٠ "كتاب أخبار الآحاد" رقم (٦٢٤٦).