للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولكن هل لنا أن نتعاطى ذلك، فمنع منه أبو حامد الغزاليّ، إلا أن يُقيَّد ذلك بأن يموت على كفره، واللَّه أعلم. انتهى كلام وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الذي يظهر لي أن لعن أهل المعاصي من غير تعيين جائز، وأما لعن المعيّن منهم، فإن كان في حال إقباله على الإفساد في الأرض، وإلحاق الضرر بالمسلمين فيجوز، وأما في حال كفّه عن ذلك، فيُدعَى له بالتوبة والصلاح، وكذا الكفّار المعيّنون إن كان يُخشى منهم الضرر يُدعى عليهم بالهلاك والطرد من رحمة اللَّه تعالى، وإن كانوا في حال المسألة للمسلمين، فيُدعى لهم بالهداية والإسلام، وهذا هو الذي يظهر من تتبّع هدي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي ورد في الأحاديث الصحيحة، كأحاديث الباب وغيرها، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ص ما دعى على الكفّار وغيرهم إلا في حال إفسادهم في الأرض، وإلحاق الضرر بالمسلمين، فقد كان من المشركين وغيرهم من له عهد مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يُنقل أنه دعا عليهم بالتعيين إلا إذا نقضوا العهد، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٧ - (ومنها): استحباب الجهر بالقنوت للإمام، ففي رواية البخاريّ: "يجهر بذلك"، ولأبي داود من حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- في قنوته -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلوات الخمس: "يؤمّن من خلفه"، فقد صرّح بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- جَهَرَ به، وأن الصحابة أَمَّنُوا خلفه.

٨ - (ومنها): بيان سبب نزول الآية الكريمة، على ما قيل، ولكن الصحيح أنها نزلت في قصّة أحد، لا في هذا القصّة، على ما أسلفت تحقيقه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في القنوت في الصلوات:

ذهب جماعة من العلماء إلى أنه مشروع في صلاة الفجر، وقد حكاه الحازميّ عن أكثر الناس من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم من علماء الأمصار، ثم عدّ من الصحابة الخلفاء الأربعة إلى تمام تسعة عشر من الصحابة، ومن المخضرمين أبو رجاء العطاردي، وسويد بن غَفَلَة، وأبو عثمان


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢٩١ - ٢٩٢.