للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): استحباب الجمع بين "سمع اللَّه من حمده"، وبين "ربنا ولك الحمد" للإمام، وكذا المنفرد، وأما المأموم فالأرجح أنه لا يقول: "سمع اللَّه من حمده"، بل يقتصر على التحميد، وقد تقدّم أنه يجوز أن يقول: "ربنا لك الحمد"، و"ربنا ولك الحمد"، بإثبات الواو وحذفها، وقد ثبت الأمران في "الصحيحين"، وغيرهما، وسبق بيان معنى هذه الواو.

٤ - (ومنها): جواز الدعاء لقوم بتعيين أسمائهم، وأسماء آبائهم، وأن ذلك لا يُبطِل الصلاة؛ خلافًا للحنفيّة.

٥ - (ومنها): جواز الدعاء بغير ألفاظ القرآن في الصلاة، قال القرطبيّ: وهو حجة على أبي حنيفة في منعه ذلك. انتهى (١).

٦ - (ومنها): جواز لعن الكفّار والمنافقين في الصلاة، والدعاء عليهم بإنزال العذاب الذي يُضعِف شوكتهم، من الجوع والأمراض، ونحو ذلك.

قال القرطبي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولا خلاف في جواز لعن الكفرة، والدعاء عليهم، واختلفوا في جواز الدعاء على أهل المعاصي، فأجازه قومٌ، ومنعه آخرون، وقالوا: يُدعى لهم بالتوبة، لا عليهم، وقيل: إنما يُدعى على أهل الانتهاك في حين فعلهم ذلك، وأما في إدبارهم فيُدعَى لهم بالتوبة. انتهى (٢).

وقال ولي الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أما الدعاء على أهل المعاصي، ولعنهم من غير تعيين، فلا خلاف في جوازه، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لعن اللَّه السارق، يسرق البيضة"، "لعن اللَّه من غيّر منار الأرض"، ونحو ذلك، وأما مع التعيين فوقع كثيرًا في الأحاديث، كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم لا تغفر لِمُحَلِّم بن جَثَّامَة". ولهذا قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الأذكار": إن ظواهر الأحاديث تدلّ على جواز لعن أهل المعاصي مع التعيين.

قال: وقد يقال: هذا من خواصّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم إني اتخذت عندك عهدًا، أيُّما مسلم سببته، أو لعنته، وليس لها بأهل، فاجعلها له صلاةً. . . " الحديث، وهذا ليس لغيره -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلهذا كان المنقول أنه لا يجوز لعن العاصي المعيَّن، وأما لعن الكافر المعيَّن، فلا شكّ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يفعله،


(١) "المفهم" ٢/ ٣٠٤.
(٢) "المفهم" ٢/ ٣٠٤.