للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَدْ قَالَ ذَا الشَّامِي وَبَعْضٌ "ابْنَةُ" … كـ "الابْنِ" فِي ذَا وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ (١)

والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أنس) بن مالك - رضي الله عنه -، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ - وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ: الرَّجُلُ -) بدل "عبدٌ وفي الرواية التالية: "أحدكم"، قال في "الفتح": قوله: "الرجل" أشمل من جهة، و"أحدكم" أشمل من جهة، وأشمل منهما رواية الأصيليّ: "لا يؤمن أحدٌ". انتهى.

(حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ) هو أفعل تفضيل بمعنى المفعول، وهو مع كثرته على خلاف القياس، إذ القياس أن يكون بمعنى الفاعل وفُصِل بينه وبين معموله بقوله: (إِلَيْهِ) لأن الممتنع الفصل بأجنبيّ، لا مطلقًا، مع أنه يُتوسّع في الظرف ما لا يُتوسَّع في غيره قاله الكرماني (٢)، (مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ") من عطف العامّ على الخاصّ، وهل تدخل النفس في هذا العموم؟ الظاهرُ دخولها، وقيل: إضافة المحبة إليه تقتضي خروجه منهم، وهو بعيد، وقد وقع التنصيص بذكر النفس في حديث عبد الله بن هشام، كما سيأتي.

قال الإمام أبو سليمان الخطابيّ رحمه الله تعالى: لم يُرِد به حُبَّ الطبع، بل أراد به حب الاختيار؛ لأن حب الإنسان نفسه طبع، ولا سبيل إلى قلبه، قال: فمعناه لا تَصْدُق في حبي حتى تُفْنِي في طاعتي نفسك، وتؤثر رضاي على هواك، وإن كان فيه هلاكك. انتهى.

قال الطيبيّ: قوله: "ولا سبيل إلى قلبه" ليس بمطلق، وذلك أن المحبّ ينتهي في المحبّة إلى أن يتجاوز عن الهوى، فيؤثر هوى المحبوب على هوى نفسه، فضلًا عن محبة ولده، بل يُحتا أعداء نفسه؛ لمشابهتهم بمحبوبه، قال الشاعر [من البسيط]:

أَشْبَهْتَ أَعْدَائِي فَصِرْتُ أُحِبُّهُمُ … إِذْ صَارَ حَظِّيَ مِنْكَ حَظِّيَ مِنْهُمُ (٣)


(١) راجع: "تحفة الحبيب حاشية إقناع الخطيب" ١/ ١٥.
(٢) "شرح البخاري" ١/ ٩٧.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٤٤٣.