للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[وأجيب]: بأن معنى قوله: "لأخيه" للمسلمين؛ تعميمًا للحكم، أو يكون التقدير: لأخيه من المسلمين، فيتناول كلَّ أخ مسلم. قاله العينيّ (١).

(- أَوْ) للشكّ من الراوي (قَالَ: لِجَارِهِ -) هكذا في رواية مسلم بالشكّ، وكذا هو في "مسند عبد بن حُميد" على الشكّ أيضًا، وهو في "صحيح البخاريّ" وغيره بلفظ "لأخيه" من غير شكّ (٢).

(مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ") أي "من الخير" كما ثبت في رواية النسائيّ بإسناد صحيح، و"الخير": كلمة جامعة تَعُمُّ الطاعات، والمباحات الدنيوية، والأخروية، وتُخرِج المنهيات؛ لأن اسم الخير لا يتناولها، والمحبة إرادة ما يعتقده خيرًا، قال النووي: المحبة الميل إلى ما يوافق المحب، وقد تكون بحواسّه، كحسن الصورة، أو بفعله، إما لذاته، كالفضل والكمال، وإما بإحسانه، كجَلْب نفع، أو دفع ضرر. انتهى ملخصًا.

والمراد بالميل هنا الاختياري، دون الطبيعي، والْقَسْريّ، والمراد أيضًا أن يحب أن يحصل لأخيه نظيرُ ما يحصل له، لا عينه، سواء كان في الأمور المحسوسة، أو المعنوية، وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له، لا مع سلبه عنه، ولا مع بقائه بعينه له؛ إذ قيام الجوهر، أو العرض بمحلّين محال. قاله في "الفتح".

وقال في "عمدة القاري" ١/ ١٦٠ ما حاصله: المحبّة مطالعة المنّة من رؤية إحسان أخيه، وبرّه، وأياديه، ونعمه المتقدّمة التي ابتدأ بها من غير عمل استحقّها به، وستره على معايبه، وهذه محبة العوامّ قد تتغيّر بتغيّر الإحسان، فإن زاد الإحسان زاد الحبّ، وإن نقصه نقصه. وأما محبّة الخواصّ، فهي تنشأ من مطالعة شواهد الكمال؛ لأجل الإعظام والإجلال، ومراعاة حقّ أخيه المسلم، فهذه المحبّة لا تتغيّر؛ لأنها لته تعالى، لا لأجل غَرَض دنيويّ. ويقال: المحبّة ههنا هي مجرّد تمنّي الخير لأخيه المسلم، فلا يَعْسُر ذلك إلا على القلب السقيم، غير المستقيم.

وقال القاضي عياض: المراد من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى يحب لأخيه ما يحب


(١) راجع: "عمدة القاري" ١/ ١٦١.
(٢) "شرح النوويّ" ٢/ ١٦.