للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والصحابة -رضي اللَّه عنهم-: حدّثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر. انتهى (١).

٦ - (ومنها): أن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أحد العبادلة الأربعة، وأحد المكثرين السبعة من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، رَوَى (٢٦٣٠) حديثًا، واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ) -رضي اللَّه عنهما- (أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، فَقَال: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ) قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح النسائيّ": الظاهر أنه أتم الأذان، وقال بعد الفراغ منه: "ألا صلوا"، ويَحْتَمِلُ أنه قال ذلك بعد "حيّ على الفلاح"، وعلى الأول، يقال: كان هذا القول أحيانًا في الوسط، وأحيانًا بعد الفراغ. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الاحتمال الثاني تردّه رواية البخاريّ، ونصّها: "أَذَّنَ ابن عمر في ليلة باردة بضَجْنَان، ثم قال: "صلوا في رحالكم"، فأخبرنا أن رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمر مؤذنًا ثم يقول على إِثْرِهِ: ألا صلوا في الرحال. . . " الحديث.

قال في "الفتح": قوله: ثم يقول على إثره، صريح في أن القول المذكور كان بعد الفراغ، وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لَمّا ذَكَر رواية مسلم بلفظ: "يقول في آخر ندائه": يَحْتَمِلُ أن يكون المراد في آخره قُبيل الفراغ منه؛ جمعًا بينه وبين حديث ابن عباس الآتي في هذا الباب. انتهى.

وقد بَوَّب ابنُ خزيمة، وتبعه ابنُ حِبّان، ثم المحبّ الطبريّ: "حَذْفُ حيّ على الصلاة في يوم المطر"، نظرًا إلى المعنى؛ لأن معنى "حَيّ على الصلاة": هَلُمُّوا إلى الصلاة، ومعنى "الصلاةُ في الرِّحال": تأخَّروا عن المجيء إليها، فلا يتناسب سبب إيراد اللفظين معًا؛ لأن أحدهما نقيض الآخر.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويمكن الجمع بينهما، ولا يلزم منه ما ذكر بأن يكون معنى "الصلاة في الرِّحال" رخصةً لمن أراد أن يترخص، ومعنى: هَلُمُّوا إلى الصلاة نَدْبٌ لمن أراد أن يستكمل الفضيلة، ولو تحمّل المشقة، ويؤيد ذلك حديث جابر -رضي اللَّه عنه- الآتي بعد هذا بلفظ: "ليصلِّ من شاء منكم في رحله". انتهى.


(١) انظر: "تدريب الراوي" ١/ ٧٨.