للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ثُمَّ قَالَ) ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ) بالرفع فاعل "كان"، وهي تامّةٌ لا تحتاج إلى خبر، كما ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الخلاصة":

. . . . . . . . . . . . . … وَذُو تَمَامٍ مَا بِرَفْعٍ يَكْتَفِي

وقال الحريريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "ملحة الإعراب":

وَإِنْ تَقُلْ يَا قَوْمُ قَدْ كَانَ الْمَطَرْ … فَلَسْتَ تَحْتَاجُ لَهَا إِلَى خَبَرْ

ويَحْتَمِلُ أن تكون ناقصةً، حُذِفَ اسمها، و"ليلةً" بالنصب خبرها؛ أي: إن كانت الليلةُ ليلةً.

(ذَاتُ مَطَرٍ) أي: صاحبة مطر، وفي الرواية التالية: "إذا كانت ليلةٌ باردةٌ، أو ذات مطر"، وفي رواية البخاريّ: "في الليلة الباردة أو المطيرة"، قال في "الفتح": وقوله: "أو" للتنويع، لا للشك، وفي "صحيح أبي عوانة": "ليلةٌ باردةٌ، أو ذات مطر، أو ذات ريح"، ودلَّ ذلك على أن كلًّا من الثلاثة عذر في التأخر عن الجماعة.

ونقل ابن بطال فيه الإجماع، لكن المعروف عند الشافعية أن الريح عذر في الليل فقط، وظاهر الحديث اختصاص الثلاثة بالليل، لكن في السنن من طريق ابن إسحاق، عن نافع في هذا الحديث: "في الليلة المطيرة، والغداة القُرَّة"، وفيها بإسناد صحيح من حديث أبي الْمَلِيح، عن أبيه: "أنهم مُطِرُوا يومًا، فرَخَّص لهم".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولم أَرَ في شيء من الأحاديث الترخيص بعذر الريح في النهار صريحًا، لكن القياس يقتضي إلحاقه، وقد نقله ابن الرفعة وجهًا. انتهى (١).

(يَقُولُ) فعل مضارع مرفوع، صلة و"أن" مقدَّرةً، وحذف "أن" ورفع الفعل قياسيّ على الراجح، ومنه قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: ٢٤]، وقوله: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: ٦٤]، برفع "يُرِي"، و"أَعْبُدُ"، وأنْ وصلتها مجرور بحرف جرّ مقدَّر قياسًا؛ أي: بالقول، وهو متعلق بـ "يأمر".

(أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ") مقول القول؛ أي: كان يأمر المؤذِّن أن يقول في


(١) "الفتح" ٢/ ١٣٤.