للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأذان: "ألا صلوا في الرحال"، و"الرِّحَال" -بالكسر- جمع رَحْلٍ، وهو مسكن الرجل، وما فيه من أثاثه، وقال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يعني الدُّورَ، والمساكن، والمنازل، يقال لمنزل الإنسان، ومسكنه: رحله، وانتهينا إلى رحالنا: أي: منازلنا. انتهى (١).

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- الآتي: فيه أن هذه الكلمة تقال في نفس الأذان، وفي حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنها تقال بعده، قال: والأمران جائزان، كما نصّ عليه الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، لكن بعده أحسن؛ ليتم نظم الأذان، قال: ومن أصحابنا من يقول: لا يقوله إلا بعد الفراغ، وهو ضعيف مخالف لصريح حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وكلامه يدلّ على أنها تزاد مطلقًا إما في أثنائه، وإما بعده، لا أنها بدل من "حَيَّ على الصلاة"، وقد تقدم عن ابن خزيمة ما يخالفه، وقد ورد الجمع بينهما في حديث آخر أخرجه عبد الرزاق، وغيره بإسناد صحيح، عن نُعَيم بن النّحّام، قال: "أَذَّن مؤذن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للصبح في ليلة باردة، فتمنيت لو قال: ومن قَعَدَ فلا حرج، فلما قال: "الصلاة خير من النوم"، قالها". انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قد تبيَّن بما ذُكِر من حديثي ابن عمر، وابن عباس -رضي اللَّه عنهم- أن المؤذن مُخَيَّر في قوله: "ألا صلوا في الرحال" بين قولها أثناء الأذان، وقولها بعد الأذان، وإن شاء قالها بدل حيّ على الصلاة، كما دلّ عليه حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- ففيه: "إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن محمدًا رسول اللَّه، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صَلُّوا في بيوتكم"، فهذا صريح في أنه يقولها بدل "حيّ على الصلاة".

والحاصل أنه مخيَّر بين ثلاثة أمور: قولها في أثناء الأذان، وقولها بعده، وقولها بدل "حيّ على الصلاة"، فالأمر في ذلك واسعٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "النهاية" ٢/ ٢٠٩.
(٢) "الفتح" ٢/ ١١٧.