للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ليبقى نظم الأذان على وضعه، ومن أصحابنا من قال: لا يقوله إلا بعد الفراغ، وهذا ضعيف، مخالف لصريح حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، ولا منافاة بينه وبين حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- الماضي؛ لأن هذا جَرَى في وقت، وذلك في وقت، وكلاهما صحيح. انتهى (١).

٦ - (ومنها): أنه استدلّ بهذا الحديث من رخّص الكلام في الأذان، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل، وحَكَى ابن المنذر الجواز مطلقًا عن عروة، وعطاء، والحسن، وقتادة، وعن النخعيّ، وابن سيرين، والأوزاعيّ: الكراهةُ، وعن الثوريّ: المنعُ، وعن أبي حنيفة وصاحبيه: خلافُ الأولى، وعليه يدلّ كلام الشافعيّ، ومالك، وعن إسحاق ابن راهويه: يُكره إلا إن كان يتعلق بالصلاة، واختاره ابن المنذر، قاله في "العمدة" (٢).

٧ - (ومنها): أن فيه دلالةً على فرضية الجمعة، وأبعد بعض المالكية، حيث قال: إن الجمعة ليست بفرض، وإنما الفرض الظهر، أو ما ينوب منابه (٣)، وهذا إن صحّ عن قائله، فبطلانه واضح؛ لمصادمته للنصوص الكثيرة الدالّة على فرضيّة الجمعة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإِمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٦٠٥] (. . .) - (وَحَدَّثَنِيهِ (٤) أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، يَعْنِي ابْنَ زيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِي يَوْمٍ ذِي رَدْغٍ (٥)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمُعَةَ، وَقَالَ: قَدْ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، يَعْنِي النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَالَ أَبُو كَامِلٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، بِنَحْوِهِ).


(١) "شرح النوويّ" ٥/ ٢٠٧٧.
(٢) "عمدة القاري" ٥/ ١٨٧.
(٣) راجع: "عمدة القاري" ٥/ ١٨٧.
(٤) وفي نسخة: "وحدّثني".
(٥) وفي نسخة: "ذي رزغ".