قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الآية ليست بحجة لما زُعِمَ من أن قصد التفرد عن الناس بخير من الخيور مذموم، فإن المفسّرين على أن المراد بالعلو فيها هو علوّ التجبّر والطغيان والبغي، لا علوّ الصلاح والإصلاح.
ومما يُتعجّب منه أنه ذكر أثر عليّ - رضي الله عنه - في تفسيره الآية، وفي سنده أشعث السمّان (١) متروك الحديث، بل كذّبه بعضهم، فكيف يثبت أثره، ويُحتجّ به، وقد أجاب عنه ابن كثير على تقدير ثبوته؟.
والحاصل أن محبة الإنسان لنفسه أن يكون إمامًا في الخير، ونحوه لا ينافي حديث الباب، ولا ينافي أيضًا التواضع، وكيف وهو أمنيّة عباد الله الصالحين، ففي "الصحيحين" أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمّا قال:"لأعطينّ الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله" بات الصحابة يدوكون ليلتهم أيهم يُعطاها، ثم غَدَوا عليه، وكلهم يريد أن يعطاها، حتى قال عمر - رضي الله عنه -: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، وفيهما أيضًا أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قال لأهل نجران:"لأبعثنّ معكم رجلًا أمينًا حق أمين" فاستشرف لها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلى غير ذلك مما يدلّ على محبّة كلّ منهم تقدّمه على الآخرين في الخير، فتأمله بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال: