[الثاني]: أنها نزلت فيمن صلى إلى غير القبلة في ليلة مظلمة، أخرج الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بسنده عن عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة، عن أبيه -رضي اللَّه عنه-، قال: كنا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة؟ فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنزلت {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، لكن الحديث ضعيف؛ لأن في سنده الأشعث السمّان، وهو ضعيف، قال الترمذي: يضعف في الحديث، وشيخه عاصم بن عبيد اللَّه أيضًا ضعيف، قال البخاريّ: منكر الحديث، وقال ابن معين: ضعيف لا يحتج به، وقال ابن حبان: منكر الحديث.
[الثالث]: أنها نزلت في النجاشيّ لما صلى عليه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين مات، أخرج ابن جرير بسنده عن قتادة: أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إن أخًا لكم قد مات فصلوا عليه"، قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم؟ قال: فنزلت {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ} الآية [آل عمران: ١٩٩]، قال قتادة: فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل اللَّه {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الآية [البقرة: ١١٥]. قال الحافظ ابن كثير: وهذا غريب واللَّه تعالى أعلم. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: وهو أيضًا مرسل، فهو ضعيف، واللَّه تعالى أعلم.
[الرابع]: أنها نزلت لما أنكرت اليهود تحويل القبلة إلى الكعبة بعدما كانت إلى بيت المقدس، فقالوا:{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}[البقرة: ١٤٢] فردّ اللَّه عليهم بقوله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ} يعني: أن له أن يتعبد عباده بما شاء، فإن شاء وجّههم إلى بيت المقدس، وإن شاء إلى الكعبة، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)} [الأنبياء: ٢٣].
[الخامس]: أن الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤]، ذكره ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.
[السادس]: أنها محكمة، والمعنى: أينما كنتم من شرق وغرب، فثمّ