وحُكِي عن بعض الحنفية، أنه لا يفعل الوتر ولا ركعتا الفجر على الراحلة.
وروى الإمام أحمد: ثنا إسماعيل، ثنا أيوب، عن سعيد بن جبير، أن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كان يصلي على راحلته تطوّعًا، فإذا أراد أن يوتر نزل فأوتر على الأرض.
قال ابن رجب: ولعله فعله استحبابًا، وإنما أنكر على من لا يراه جائزًا.
ورَوَى محمد بن مصعب: ثنا الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر -رضي اللَّه عنه-، قالَ: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي على راحلته حيث توجهت به تطوّعًا، فإذا أراد أن يصلي الفريضة أو يوتر أناخ فصلى بالأرض.
قال ابن جوصا في "مسند الأوزاعي من جمعه": لم يقل أحد من أصحاب الأوزاعي: "أو يوتر" غير محمد بن مصعب وحده، وخرّجه من طرق كثيرة عن الأوزاعيّ، ليس في شيء منها: ذكر الوتر.
ومحمد بن مصعب، قال يحيى: ليس حديثه بشيء، وقال ابن حبان: ساء حفظه فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما ذُكر في الباب من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- وغيره أن الصحيح قول الجمهور، وهو كون الوتر غير واجب، وجواز أدائه على الراحلة، وسيأتي البحث في هذا مُستوفًى في "باب صلاة الليل والوتر" -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في سبب نزول قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الآية [البقرة: ١١٥] على أقوال:
[أحدها]: هذا الذي ذكره ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- في حديث الباب أنها نزلت في صلاة النافلة على الراحلة، وهو الأرجح كما يأتي.