للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو في جميع نسخ مسلم، وكذا نقله القاضي عياض عن جميع الروايات لـ "صحيح مسلم"، قال: وقيل: إنه وَهَمٌ، وصوابه: "قَدِمَ من الشام"، كما جاء في "صحيح البخاري"؛ لأنهم خرجوا من البصرة للقائه حين قَدِم من الشام.

قال النوويّ: ورواية مسلم صحيحة، ومعناها: تلقيناه في رجوعه حين قَدِمَ الشام، وإنما حَذَفَ ذِكْرَ رجوعه للعلم به. انتهى (١).

قال في "الفتح": قوله: "حين قَدِمَ من الشام" كان أنسٌ -رضي اللَّه عنه- قد توجه إلى الشام يشكو من الحجاج، ووقع في رواية مسلم: "حين قَدِم الشامَ"، وغَلَّطوه؛ لأن أنس بن سيرين إنما تلقاه لَمّا رجع من الشام، فخرج ابن سيرين من البصرة ليتلقاه.

ويمكن توجيهه بأن يكون المراد بقوله: "حين قَدِمَ الشام" مجرد ذكر الوقت الذي وقع له فيه ذلك، كما تقول: فعلتُ كذا لَمَّا حججتُ، قال النوويّ: رواية مسلم صحيحة، ومعناها: تلقيناه في رجوعه حين قَدِمَ الشامَ. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أشار في هامش النسخة التي علّق عليها محمد ذهني إلى أنه يوجد في بعض نسخ "صحيح مسلم": "حين قَدِمَ من الشام" بزيادة لفظة "من"، ومما يؤكّد ذلك ما ذكره العينيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "عمدته"، حيث قال: وجدت في نسخ صحيحة لمسلم: "من الشام". انتهى (٣).

(فَتَلَقَّيْنَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ) هو موضع بطريق العراق، مما يلي الشام، وكانت به وقعة شهيرة في آخر خلافة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- بين خالد بن الوليد والأعاجم، ووَجَدَ بها غلمانًا من العرب، كانوا رَهْنًا تحت يد كسرى، منهم جَدُّ الكلبيّ المفسر، وحُمران مولى عثمان، وسيرين مولى أنس، قاله في "الفتح" (٤).

(فَرَأَيْتُهُ) أي: أنسًا -رضي اللَّه عنه- (يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَوَجْهُهُ ذَلِكَ الْجَانِبَ، وَأَوْمَأَ هَمَّامٌ) هو ابن يحيى الراوي عن أنس بن سيرين (عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) فيه إشعار بأنه لم ينكر الصلاة على الحمار، ولا غير


(١) "شرح النوويّ" ٥/ ٢١٢.
(٢) "الفتح" ٢/ ٦٧١.
(٣) "عمدة القاري" ٧/ ٢٠٦.
(٤) "الفتح" ٢/ ٦٧١.