للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك من هيئة أنس في ذلك، وإنما أنكر عدم استقبال القبلة فقط (قَالَ): أنس -رضي اللَّه عنه- (لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَفْعَلُهُ) جملة في محلّ نصب على الحال من المفعول (لَمْ أَفْعَلْهُ) يعني ترك استقبال القبلة للمتنفّل على الدابة، وهل يؤخذ منه أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على حمار؟ فيه احتمال، وقد نازع في ذلك الإسماعيليّ، فقال: خبر أنس إنما هو في صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- راكبًا تطوُّعًا لغير القبلة، فإفراد الترجمة في الحمار من جهة السنة -أي: كما فعل البخاريّ في "صحيحه"، حيث قال: "باب صلاة التطوّع على الحمار"- لا وجه له عندي. انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد رَوَى السرّاج من طريق يحيى بن سعيد، عن أنس -رضي اللَّه عنه- أنه رأى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي على حمار، وهو ذاهب إلى خيبر، وإسناده حسن.

وله شاهد عند مسلم من طريق عمرو بن يحيى المازنيّ، عن سعيد بن يسار، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: "رأيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي على حمار، وهو متوجه إلى خيبر"، فهذا يرجح الاحتمال الذي أشار إليه البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

[فائدة]: لم يُبَيَّن في هذه الرواية كيفية صلاة أنس -رضي اللَّه عنه-، وذكره في "الموطأ" عن يحيى بن سعيد، قال: "رأيت أنسًا، وهو يصلي على حمار، وهو متوجه إلى غير القبلة، يركع ويسجد إيماءً من غير أن يضع جبهته على شيء" (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٥/ ١٦٢٠] (٧٠٢)، و (البخاريّ) في "تقصير الصلاة" (١١٠٠)، و (أبو داود) في "الصلاة" (١٢٢٥)، و (النسائيّ) في


(١) "الفتح" ٢/ ٦٧١ - ٦٧٢.
(٢) راجع: "الفتح" ٢/ ٦٧١ - ٦٧٢.