للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أقول إنه لا إشكال -بحمد اللَّه تعالى- إلا على من يتعصب لبعض الآراء، فإن الأمر سهل لمن يتبع الدليل؛ فأدلة الجمع الحقيقي واضحة صريحة؛ كما اعترف بها اللكنوي نفسه سابقًا، فلا يسع إلا القول بها، وترك التعصب للمذهب؛ كما فعل الطحاويّ والعينىّ، وأمثالهما واللَّه المستعان على دفع ما خالف ظواهر النصوص بالتأويل الْمُهَان.

وأيضًا المتبادر إلى الفهم من لفظ الجمع هو الجمع الوقتيّ، لا الفعلي.

قال الخطابي في "معالم السنن": ظاهر اسم الجمع عرفًا لا يقع على من أخَّر الظهر حتى صلاها في آخر وقتها، وعجّل العصر، فصلّاها في أول وقتها؛ لأن هذا قد صلى كل صلاة منهما في وقتها الخاص بها، وإنما الجمع المعروف بينهما أن تكون الصلاتان معًا في وقت أحدهما، ألا ترى أن الجمع بينهما بعرفة والمزدلفة كذلك؟!. انتهى.

ولو سلم أن لفظ الجمع عامّ يشمل الوقتيّ والفعليّ كليهما، فالروايات الصريحة في جمع التقديم والتأخير معيِّنة للمراد من لفظ الجمع في الروايات المطلقة، وأن المقصود هو الجمع الوقتىّ؛ أي: الحقيقيّ، لا الصوريّ؛ أي: الفعليّ، قاله في "المرعاة" (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: وبالجملة فأدلة الجمع الحقيقيّ أوضح، وأقوى، فوجب القول بجواز جمع التقديم والتأخير جمعًا حقيقيًّا في وقت الأولى أو الثانية".

وقد أشبعت البحث بأكثر مما هنا في "شرح النسائيّ" (٢)، فراجعه تستفد، واللَّه -تعالى- أعلم، بالصواب، وإليه المرجع والمآبُ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "المرعاة" ٤/ ٣٩٦ - ٣٩٨.
(٢) راجع: "ذخيرة العقبى" ٧/ ٤٤٣ - ٤٤٨ رقم الحديث (٨٦).