للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رواية هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، وهشامٌ مختلَف فيه، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب أبي الزبير، كمالك، والثوريّ، وقُرّة بن خالد، وغيرهم، فلم يذكروا في روايتهم جمع التقديم.

وقد وَرَد في جمع التقديم حديث آخر، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، أخرجه أحمد، وذكره أبو داود تعليقًا، والترمذيّ في بعض الروايات عنه، وفي إسناده حسين بن عبد اللَّه الهاشميّ، وهو ضعيف، لكن له شواهد من طريق حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، لا أعلمه إلا مرفوعًا: "أنه كان إذا نزل منزلًا في السفر، فأعجبه أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر، ثم يرتحل، فإذا لم يتهيأ له المنزل مَدَّ في السير، فسار حتى ينزل، فيجمع بين الظهر والعصر"، أخرجه البيهقيّ، ورجاله ثقات، إلا أنه مشكوك في رفعه، والمحفوظ أنه موقوف.

وقد أخرجه البيهقيّ من وجه آخر مجزومًا بوقفه على ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، ولفظه: "إذا كنتم سائرين. . . " فذكر نحوه.

وفي حديث أنس -رضي اللَّه عنه- هذا استحباب التفرقة في حال الجمع بين ما إذا كان سائرًا، أو نازلًا.

وقد استُدِلّ به على اختصاص الجمع بمن جَدَّ به السير، لكن وقع التصريح في حديث معاذ بن جبل في "الموطأ"، ولفظه: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أخَّر الصلاة في غزوة تبوك، ثم خرج، فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل، ثم خرج، فصلى المغرب والعشاء جميعًا".

قال الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الأم": قوله: "دخل، ثم خرج" لا يكون إلا وهو نازل، فللمسافر أن يجمع نازلًا، ومسافرًا.

وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذا أوضح دليل على الرد على من قال: لا يجمع إلا من جد به السير، وهو قاطع للالتباس.

وحَكَى بعضهم أن بعضهم أوَّل قوله: "ثم دخل" أي: في الطريق مسافرًا، "ثم خرج" أي: عن الطريق للصلاة، ثم استبعده، ولا شك في بُعده.

وكأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك لبيان الجواز، وكان أكثر عادته ما دلّ عليه حديث أنس، واللَّه أعلم.