للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجواز تأخيرها ليس معلقًا بالجمع، بل يجوز تأخيرها مطلقًا إلى آخر الوقت، حين يؤخر العشاء أيضًا، وهكذا فعل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين بَيَّن أحاديث المواقيت، وهكذا في الحديث الصحيح: "وقتُ المغرب ما لم يغب نور الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل"، كما قال: "وقت الظهر ما لم يصر ظل كل شيء مثله، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس"، فهذا الوقت المختص الذي بيّنه بقوله وفعله، وقال: "الوقت ما بين هذين"، ليس له اختصاص بالجمع، ولا تعلّق به.

ولو قال قائل: قوله: جمع بينهما بالمدينة من غير خوف ولا سفر، المراد به الجمع في الوقتين كما يقول ذلك من يقوله من الكوفيين، لم يكن بينه وبينهم فرقٌ، فلماذا يكون الإنسان من المطفِّفين، لا يحتج لغيره كما يحتج لنفسه، ولا يقبل لنفسه ما يقبله لغيره؟.

وأيضًا فقد ثبت هذا من غير حديث ابن عباس، ورواه الطحاويّ: حدّثنا ابن خزيمة، وإبراهيم بن أبي داود، وعمران بن موسى، قال: أنا الربيع بن يحيى الأشنانيّ، حدّثنا سفيان الثوريّ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: جمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، للرخصة من غير خوف ولا علة، لكن يُنظَر حال هذا الأشنانيّ (١).

وجمعُ المطر عن الصحابة، فما ذكره مالك، عن نافع، أن عبد اللَّه بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء ليلة المطر، جمع معهم في ليلة


(١) قال في "التقريب": الربيع بن يحيى بن مِقسم الأشنانيّ، أبو الفضل البصريّ، صدوق له أوهام، من كبار العاشرة، مات سنة (٢٢٤) روى عنه البخاريّ، وأبو داود.
وقال في "تهذيب التهذيب" -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٣/ ٢١٨: قال أبو حاتم: ثقةٌ ثبتٌ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن قانع: إنه ضعيف، وقال الدارقطنيّ: ضعيفٌ ليس بالقويّ، يخطئ كثيرًا، حدّث عن الثوريّ، عن ابن المنكدر، عن جابر: "جمع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بين الصلاتين"، وهذا حديث ليس لابن المنكدر فيه ناقة، ولا جمل، وهذا يُسقط مائة ألف حديث، وقال أبو حاتم في "العلل": هذا باطل عن الثوريّ. انتهى.