للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء" أنه يجمع بينهما سائرًا، ومعنى قوله: "فأخر الصلاة يومًا" إلخ: أنه جمع بينهما يومًا في حالة النزول، يدل على هذا لفظ: "ثم دخل، ثم خرج"، قال ابن عبد البر: هذا أوضح دليل على ردّ قول من قال: لا يجمع إلا من جَدَّ به السير. انتهى (١).

وقد استَدَلَّ بهذا الحديث من قال بجواز الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء مطلقًا، في عرفة، والمزدلفة وغيرهما، جَدَّ به السير، أو لا، وهو رأي الجمهور، وهو الحقّ، كما تقدم تحقيقه قريبًا.

[تنبيه]: أخرج المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- هذا الحديث في "الفضائل" مطوّلًا، وفيه قصّة، ولفظه:

(٧٠٦) - حدّثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارميّ، حدّثنا أبو عليّ الحنفيّ، حدّثنا مالك، وهو ابن أنس، عن أبي الزبير المكيّ، أن أبا الطفيل عامر بن واثلة أخبره، أن معاذ بن جبل أخبره، قال: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام غزوة تبوك، فكان يجمع الصلاة، فصلى الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا، حتى إذا كان يومًا أخّر الصلاة، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل ثم خرج بعد ذلك، فصلى المغرب والعشاء جميعًا، ثم قال: "إنكم ستأتون غدًا إن شاء اللَّه عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يُضْحِي النهار، فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئًا حتى آتي"، فجئناها، وقد سبقنا إليها رجلان، والعين مثل الشِّرَاك تَبِضّ بشيء من ماء، قال: فسألهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل مسستما من مائها شيئًا؟ "، قالا: نعم، فسبّهما النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال لهما ما شاء اللَّه أن يقول، قال: ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلًا قليلًا، حتى اجتمع في شيء، قال: وغسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه يديه ووجهه، ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء مُنْهَمِر، أو قال: غزير، شكَّ أبو عليّ أيهما قال، حتى استقى الناس، ثم قال: "يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد مُلِئ جِنَانًا"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان وعليه التكلان.


(١) "المنهل العذب" ٧/ ٦٠.