قال الحاكم: حدّثنا أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه، حدّثنا موسى بن هارون، حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل:"أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في غزوة تبوك، إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخّر الظهر حتى يجمعها إلى العصر، ويصليهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس، صلى الظهر والعصر جميعًا، ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخّر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب، عجّل العشاء، فصلاها مع المغرب".
قال الحاكم: هذا الحديث رواته أئمة ثقات، وهو شاذّ الإسناد والمتن، ثم لا نعرف علة نُعِلُّه بها، فلو كان الحديث عن الليث، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، لعللنا به الحديث، ولو كان عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، لعللنا به، فلما لم نجد له العلتين، خرج عن أن يكون معلولًا، ثم نظرنا فلم نجد ليزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل روايةً، ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عن أحد من أصحاب أبي الطفيل، ولا عن أحد ممن روى عن معاذ بن جبل، غير أبي الطفيل، فقلنا: الحديث شاذّ، وقد حدّثوا عن أبي العباس الثقفيّ، قال: كان قتيبة بن سعيد يقول لنا على هذا الحديث علامة أحمد بن حنبل، وعليّ ابن المديني، ويحيى بن معين، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأبي خيثمة، حتى عَدَّ قتيبة سبعة من أئمة الحديث، كتبوا عنه هذا الحديث، وأئمة الحديث إنما سمعوه من قتيبة تعجبًا من إسناده ومتنه، ثم لم يبلغنا عن أحد منهم أنه ذكر للحديث علةً، ثم قال: فنظرنا فإذا الحديث موضوعٌ، وقتيبة ثقة مأمونٌ، ثم ذكر بإسناده إلى البخاريّ، قال: قلت لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل؟ قال: كتبته مع خالد بن القاسم، أبي الهيثم المدائنيّ، قال البخاريّ: وكان خالد المدائنيّ يُدخِل الأحاديث على الشيوخ.
قال ابن القيّم: وحكمه بالوضع على هذا الحديث غير مسلَّم، فإن أبا داود رواه عن يزيد بن خالد بن عبد اللَّه بن موهب الرمليّ، حدّثنا الْمُفَضَّل بن فَضَالة، عن الليث بن سعد، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي