للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إذا صرفته عنه، قاله الفيّوميّ (١).

وقوله: (أتُعَلِّمُنِي بِالسُّنَّةِ؟) وفي نسخة: "أتعلّمني السنّة"، وهو بتشديد اللام، من التعليم، أو بتخفيفها، من الإعلام، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إذا كان "عَلِمَ" بمعنى اليقين تعدَّى إلى مفعولين، وإذا كان بمعنى عَرَفَ تعدَّى إلى مفعول واحد، وقد يُضَمَّن معنى شَعَرَ، فتدخُلُ الباء، فيقال: علمته، وعَلِمتُ به، وأعلمته الخيرَ، وأعلمته به، وعلّمته الفاتحةَ، والصَّنْعَةَ، وغيرَ ذلك تعليمًا، فتعَلَّمَ ذلك تعلُّمًا. انتهى (٢).

وقوله: (لَا أُمَّ لَكَ) قال ابن الأثير: هو ذمّ وسبٌّ؛ أي: أنت لقيط، لا تُعرف لك أمّ، وقيل: قد يقع مدحًا بمعنى التعجّب منه، وفيه بُعْد. انتهى (٣).

وقال في "اللسان" ما خلاصته: معنى لا أمّ لك: ليست لك أمّ حرّةٌ، وهو سبّ صريحٌ، وذلك أن بني الإماء عند العرب مذمومون، لا يُلحقون ببني الحرائر، ولا يقول الرجل لصاحبه: لا أمّ لك إلا في غضبه عليه مقصّرًا به، شاتمًا له، وأما إذا قال: لا أبا لك، فلم يترُك له من الشتيمة شيئًا. انتهى (٤).

وقد سبق تمام البحث في هذا في "كتاب الإيمان" عند شرح حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه- في الفتنة التي تموج كموج البحر، وباللَّه تعالى التوفيق.

وقوله: (فَحَاكَ فِي صَدْرِي. . . إلخ) هو بالحاء والكاف؛ أي: وقع في نفسي نوعُ شكّ وتعجُّب، واستبعاد، يقال: حاك يَحِيك، وحَكّ يَحُكّ، واحتكّ، وحَكَى الخليل أيضًا: أحاك، وأنكرها ابن دُرَيد (٥).

وقوله: (فَصَدَّقَ مَقَالَتَهُ) أي: قول ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-، فـ "المقالة" مصدر "قال"، يقال: قال يقول قَوْلًا ومَقَالًا ومقالةً، قاله في "المصباح" (٦)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٨٥.
(٢) "المصباح" ٢/ ٤٢٧.
(٣) "النهاية" ١/ ٦٨.
(٤) راجع: "لسان العرب" ١٢/ ٣٠.
(٥) "شرح النووي" ٥/ ٢١٩.
(٦) "المصباح المنير" ٢/ ٥١٩.