للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد خرّجه الطبراني من رِوَايَة زياد بْن عَبْد اللَّه، عَن مُحَمَّد بْن جُحادة، عَن عَمْرٍو، عَن عَطَاء، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ: "إذا أخذ المؤذن فِي الإقامة فلا صلاة إلا المكتوبة"، وهذا لفظ غريبٌ.

وقد روي من وجوه أُخَر عَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-.

وخرّجه الإمام أحمد من رِوَايَة ابن لهيعة: ثنا عياش بْن عباسٍ، عَن أَبِي تميم الزُّهْرِيّ، عن أبي هريرة، عَن النَّبِيّ -رضي اللَّه عنه-، قَالَ: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا الَّتِى أُقيمت".

وخرّجه الطبراني بهذا اللفظ -أيضًا- من رِوَايَة أَبِي صالح: ثنا الليث، عن عَبْد اللَّه بْن عياش بْن عَبَّاس القتباني، عَن أبيه، عَن أَبِي تميم، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن مما سبق أن ما ذهب إليه المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- من ترجيح رفع هذا الحديث هو الحقّ، وهو أيضًا رأي الترمذيّ، وإليه ميل الإمام أحمد؛ لأن الذين رفعوا جماعة، ومعهم زيادة علم، فتُقبل زيادتهم، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في حكم صلاة النافلة عند إقامة الصلاة:

(اعلم): أنه قد اختلف الصحابة، والتابعون، ومن بعدهم في ذلك على تسعة أقوال:

[أحدها]: الكراهة، وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب، وابنه عبد اللَّه بن عمر، على خلاف في ذلك، وأبو هريرة -رضي اللَّه عنه-.

ومن التابعين: عروة بن الزبير، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النخعيّ، وعطاء بن أبي رباح، وطاوس، ومسلم بن عقيل، وسعيد بن جبير.

ومن الأئمة: سفيان الثوريّ، وابن المبارك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، ومحمد بن جرير، هكذا أطلق الترمذيّ الرواية عن الثوريّ، وروى عنه ابن عبد البر، والنوويّ تفصيلًا، وهو أنه إذا خَشِي فوت


(١) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٦/ ٥٥ - ٥٦.