للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طلب الْقِرَى، فقَرَيته، أو استجارك، فمنعته ممن يطلبه، وأضافه إلى الشيء: ضمّه إليه، وأماله، قاله الفيّوميّ (١).

الضيافة من مكارم الأخلاق، ومحاسن الدين، ومن خلق النبيين عليهم الصلاة والسلام، والصالحين، قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤)} [الذاريات: ٢٤] قيل: أكرمهم إبراهيم عليه السلام بتعجيل قراهم، والقيام بنفسه عليهم، وطلاقة الوجه.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: وقد أوجبها الليث ليلةً واحدةً، واحتج بالحديث: "ليلةُ الضيف حقّ واجبٌ على كل مسلم" (٢)، وبحديث عقبة: "إن نزلتم بقوم، فأمروا لكم بحقّ الضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حقَّ الضيف الذي ينبغي لهم".

وعامة الفقهاء على أنها من مكارم الأخلاق، وحجتهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جائزتُهُ يومٌ وليلةٌ"، والجائزة العطية والمنحة والصلة، وذلك لا يكون إلا مع الاختيار، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليكرم"، و"ليحسن" يدل على هذا أيضًا، إذ ليس يُسْتَعمَل مثله في الواجب، مع أنه مضموم إلى الإكرام للجار، والإحسان إليه، وذلك غير واجب، وتأولوا الأحاديث أنها كانت في أول الإسلام؛ إذ كانت المواساة واجبة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لا يخفى على من تأمّل أن ما أوّل به عامّة الفقهاء غير واضح، فالحقّ ما قاله الليث رحمه الله تعالى من وجوب الضيافة؛ لظهور حجّته، بل سيأتي ترجيح القول بوجوبها ثلاثة أيام، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

واختلفوا هل الضيافة على الحاضر والبادي أم على البادي خاصة؟ فذهب الشافعي رَحِمَهُ اللهُ، ومحمد بن عبد الحكم إلى أنها عليهما، وقال مالك، وسحنون: إنما ذلك على أهل البوادي؛ لأن المسافر يجد في الحضر المنازل في الفنادق،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٦٦.
(٢) أخرجه أحمد ٤/ ١٣٠ و ١٣٢ و ١٣٣، وأبو داود (٣٧٥٠)، وابن ماجه (٣٦٧٧)، وإسناده صحيح.