للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محسوب، غيرُ ساقط، قاله الفيّوميّ (١). (أَبِصَلَاتِكَ وَحْدَكَ) الجارّ والمجرور بدل من الجارّ والمجرور قبله (أَمْ بِصَلَاتِكَ مَعَنَا؟ ") وفي رواية أبي داود: "أيتُهُما صلاتك وللنسائيّ: "أيُّهما صلاتك"، وهو مبتدأ وخبر، و"أي" استفهامية، أيْ: أيُّ الصلاتين صلاتُك التي قصدتَ، واعتمدت عليها، وجئت لأجلها؟ التي صليتها معنا، أو التي صليت لنفسك؟، فهو استفهام إنكاريّ، والغرض منه توبيخه على صلاته النافلة، والإمام في الفريضة، وفيه دليلٌ على أنه لا يصلي بعد الإقامة نافلةً، وإن كان يدرك الصلاة مع الإمام، ورَدّ على من قال: إن عَلِم أنه يدرك الركعة الأولى أو الثانية، يصلي النافلة؛ لأن هذا الرجل قد أدرك مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة، ومع ذلك أنكر عليه أشدّ الإنكار، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد.

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "أيهما صلاتك أي: التي جئت لأجلها إلى المسجد، وقصدِ أدائها فيه، فإن كانت تلك الصلاة هي الفرض، فهل العاقل يؤخِّر مقصوده إذا وُجِدَ، ويُقَدِّم عليه غيره، وإن كانت هي السنة؟ فذاك عكس المعقول، إذ البيت أولى من المسجد في حقّ السنة، وأيضًا السنة للفرض، فكيف تُقصَدُ هي دونه؟ والمقصود الزجر، واللوم على ما فعل. انتهى (٢).

وقال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذا دليل على أنه إذا صادف الإمام في الفريضة لم يشتغل بركعتي الفجر، وتَرَكَهُما إلى أن يقضيهما بعد الصلاة.

وقوله: "أيتهما صلاتك" مسألة إنكار، يريد بذلك تبكيته على فعله، وفيه دلالة على أنه لا يجوز له أن يفعل ذلك، وإن كان الوقت يتسع للفراغ منهما قبل خروج الإمام من صلاته؛ لأن قوله: "أو التي صليت معنا" يدل على أنه أدرك الصلاة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد فراغه من الركعتين. انتهى (٣).

وفيه ردٌّ على من قال: إن عَلِمَ أنه يدرك الإمام في الركعة الأولى، أو الثانية يبدأ بسنة الصبح، وقالوا: إن إنكاره -صلى اللَّه عليه وسلم- على الرجل لوصله النافلة


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٩٦.
(٢) "شرح السنديّ على النسائيّ" ٢/ ١١٧.
(٣) "معالم السنن" ٢/ ٧٧.