٢ - (ومنها): الأمر بلزوم الصمت إلا عن الخير، فإذا أراد أن يتكلّم بشيء ينبغي له أن يفكّر في ذلك، فإن كان ما يتكلّم به خيرًا يثاب عليه، واجبًا كان أو مندوبًا فليتكلّم به، وإن لم يظهر له خيريّته، سواء ظهر له أنه حرام، أو مكروه، أو مباح، فليُمسك عنه، فالكلام المباح مأمور بتركه، مخافة انجراره إلى الحرام.
٣ - (ومنها): الأمر بإكرام الجار.
٤ - (ومنها): الأمر بإكرام الضيف، وسيأتي تحقيق الخلاف في وجوبه وعدمه.
٥ - (ومنها): هذا الحديث من جوامع الكلم، لأن القول كلّه إما خير، وإما شرّ، وإما آيلٌ إلى أحدهما، فدخل في الخير كل مطلوب من الأقوال فرضها وندبها، فَأَذِن فيه على اختلاف أنواعه، ودخل ما يؤول إليه، وما عدا ذلك مما هو شرّ، أو يؤول إلى الشرّ فأُمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت.
وقد أخرج الطبرانيّ، والبيهقيّ في "الزهد" من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - نحو حديث الباب، بلفظ:"فليقل خيرًا لِيَغْنَم، أو ليسكت عن شرّ لِيَسْلَم"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
٦ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": قد اشتمل حديث أبي هريرة وأبي شُريح رضفا المذكوران في الباب على أمور ثلاثة، تجمع مكارم الأخلاق الفعلية والقولية، أما الأولان فمن الفعلية، وأولهما يرجع إلى الأمر بالتخلي عن الرذيلة، والثاني يرجع إلى الأمر بالتحلي بالفضيلة، وحاصله من كان حامل الإيمان فهو متصف بالشفقة على خلق الله، قولًا بالخير، وسكوتًا عن الشرّ، وفعلًا لما ينفع، أو تركًا لما يَضُرُّ، وفي معنى الأمر بالصمت عِدّة أحاديث:
منها: حديث أبي موسى، وعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وقد تقدما.
وللطبرانيّ عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: قلت: يا رسول الله، أيّ الأعمال أفضل؟ فذكر فيها:"أن يسلم المسلمون من لسانك".
ولأحمد، وصححه ابن حبان من حديث البراء - رضي الله عنه - رفعه في ذكر أنواعٍ من البر قال:"فإن لم تُطِقْ ذلك، فكُفّ لسانك إلا من خير".