رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة غدوت إليه بالبعير، فأعطاني ثمنه، وردّه عليّ.
وفي رواية: قال: أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاعتَلَّ جملي، وساق الحديث بقصته، وفيه: ثم قال لي: "بعني جملك هذا"، قال: قلت: لا، بل هو لك، قال:"لا، بل بعنيه"، قال: قلت: لا، بل هو لك يا رسول اللَّه، قال:"لا، بل بعنيه"، قال: قلت: فإن لرجل عليّ أوقيةَ ذهب، فهو لك بها، قال قد أخذته، فتبلَّغ عليه إلى المدينة، قال: فلما قَدِمت المدينة قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لبلال:"أعطه أوقيةً من ذهب، وزده"، قال: فأعطاني أوقية من ذهب، وزادني قيراطًا، قال: فقلت: لا تفارقني زيادة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: فكان في كيس لي، فأخذه أهل الشام يوم الحرَّة.
وفي رواية قال: كنا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر، فتخلّف ناضحي، وساق الحديث، وقال فيه: فنخسه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قال لي:"اركب باسم اللَّه"، وزاد أيضًا: قال: فما زال يزيدني، ويقول: واللَّه يغفر لك". انتهى.
وسيأتي شرح الحديث مستوفى في محلّه -إن شاء اللَّه تعالى-.
(فَقَضَانِي) أي: أدّى إليّ ذلك الدين، وكان أُوقيّة من ذهب، كما بُيّن في الرواية المذكورة آنفًا (وَزَادَنِي) أي: قيرَاطًا، كما بيّن في الرواية أيضًا (وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ) أي: على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (الْمَسْجِدَ) النبويّ (فَقَالَ لِي: "صَلِّ رَكْعَتَيْنِ").
قال الجامع عفا اللَّه عنه: ظاهر أن هذه الصلاة غير الصلاة التي تأتي في حديث جابر -رضي اللَّه عنه- الآتي في الباب التالي؛ لأنه في تلك وجد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على باب المسجد، فقال له: "ادخل، فصلّ ركعتين"، وأما هذه فظاهرها أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان داخل المسجد، فدخل عليه جابر، فأمره بصلاة ركعتين، ونحوها رواية البخاريّ من طريق مسعر، عن محارب بلفظ: "أتيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو في المسجد"، فظاهره أنه وجده داخل المسجد، فعلى هذا يتم الاستدلال بهذا الحديث على الأمر بصلاة تحيّة المسجد.
والحاصل أن الذي يظهر من هذه الرواية، حيث إن فيها: "أتيتُ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في المسجد"، أنه دخل عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في المسجد، فأمره بصلاة ركعتين تحيّة للمسجد، والظاهر أن هذا في وقت آخر، غير ما في الرواية الآتية في الباب التالي، من طريق وهب بن كيسان، عن جابر -رضي اللَّه عنه- بلفظ: "فجئتُ المسجد،