فوجدته على باب المسجد، قال:"الآن حين قدِمتَ؟ "، قلت: نعم، قال:"دَعْ جملك، وادخل، فصلّ ركعتين"، قال: فدخلت، فصلّيت، ثم رجعت"، فهذه الرواية ظاهرة في أن ذلك كان أول ما قدِم من سفره، فوجده على باب المسجد، فأمره بأن يدخل، فيُصلي ركعتين، وهما سنّة القدوم من السفر، فتأمل، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٢/ ١٦٥٦ و ١٣/ ١٦٥٧ و ١٦٥٨](٧١٥)، و (البخاريّ) في "الصلاة" (٤٤٣) و"البيوع" (٢٠٩٧) و"الاستقراض" (٢٣٩٤) و"الهبة" (٢٦٠٤) و"الجهاد" (٣٠٨٧ و ٣٠٨٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ٣٠٢ - ٣٠٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٢٤٩٦)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (١٢٤١ و ١٢٤٢ و ١٢٤٣)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (١٦١٠ و ١٦١١ و ١٦١٢)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان استحباب تحيّة المسجد بصلاة ركعتين فيه.
٢ - (ومنها): بيان جواز الاستدانة من الناس.
٣ - (ومنها): وجوب قضاء الدين.
٤ - (ومنها): جواز البيع إلى أجل؛ لأن جابرًا -رضي اللَّه عنه- باع جمله بثمن مؤجّل.
٥ - (ومنها): استحباب الزيادة في قضاء الدين، ولا يكون ذلك من باب الربا؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى جابرًا دينه، وكان أوقيّةً، وزاده قيراطًا، وقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: كان لرجل على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سِنٌّ من الإبل، فجاءه يتقاضاه، فقال: "أعطوه"، فطلبوا سِنَّهُ، فلم يجدوا له إلا سنًّا فوقها، فقال: "أعطوه"، فقال: أوفيتني أوفى اللَّه بك، قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن خيارَكم أحسنُكم قضاءً"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.